لقد أدركت بريطانيا العظمى خطر الموسيقى وخطر الغناء واللهو البريء في إيقاظ عواطف الجنود، فأنشأت في مصر أماكن خاصة (كفندق المتروبوليتان)، تعرض فيها عليهم شتى أنواع الأغاني والموسيقى واللهو الطاهر. . .
فعلتْ هذا لأن الخير فيه عظيم: فهي تعرض عليهم الأنشودة لتلهب فيهم الذكرى والحنين. . . فيشتد الوفاء، وترتبط أرواحهم بأرواح الأحبة في الوطن. . .
ومن ثم يكون الشوق إلى العودة ظافرين. وليس الأمر ببعيد، وهاهي ذي صفحات التاريخ العربي المجيد، ترينا كيف كان العرب في أشد المواقف حرجاً، وفي ظلال السيوف والرماح يتغنون بذكرى الأحبة. وكفى أن نتذكر قول عنترة في معلقته:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل ... مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المبتسم