للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على أنه مما يعوق الإنتاج الأزهري ويقف في سبيله أن الدراسة في الأزهر ما تلتزم (طريقة الكتاب). فأنا كمدرس حريص علي أن أهضم عباراته وأساليبه: السائغ منها والملتوي، وأفهم ذلك الطلاب كلمة كلمة وحرفاً حرفاً ما له ضرورة وما ليس له ضرورة، لأنه في الكتاب المقرر، والطالب أمامي يهتم بذلك ويوليه عنايته، لأنه يرى شبح الامتحان مخيفاً، ويرى أنه لا ينجيه منه إلا أن يفهم كلمات الكتاب، وكلما تمثل له هذا الشبح في أثناء (الحصة) حقق ودقق وأخذ وأعطى وفكر وقدر

وعلى فرض أنه لا بد من ذلك في بعض المواد، فما لنا لا نعدل في بعضها الآخر إلى (طريقة الموضوع)، لنمكن المدرس من الجمع والتحصيل والإبقاء والإلغاء، فيظهر بذلك شخصيته ويظهر إنتاجه واستقلال فكره. ألا إننا لو فعلنا ذلك لكنا محسنين إلى الأزهر، إلى علمائه وطلابه، وإلى العصر الذي نعيش فيه

أن الدراسة على هذا النحو فرصة من الفرص الجيدة التي تمهد السبيل لظهور الإنتاج الأزهري والانتفاع به، فإذا لم تتح هذه الفرصة لعلمائه، فعلى من يقع إثم التعويق عنها؟

لا ينبغي أن نسرف في التشاؤم ولا أن نقول: إن مدرس الموضوع لم يخلق، ففي الأزهر كثير عندهم هذا الاستعداد، فليكن عملهم بدء الغيث. فإن أصابوا فذلك ما نرجوه، وإلا كانوا النواة الحسنة لمن يجيء بعدهم من إخوانهم وأبنائهم. وإذا نحن انتظرنا بالدراسة الموضوعية إلى أن يخلق مدرس الموضوع ولم نعمل على خلقه وتكوينه، تقطعت بنا السبل وخلفتنا القافلة ولم نصل إلى ما نريد

إن أنسب الأوقات لإعلان هذه الآراء والمناداة بها هو ذلك الوقت الذي يدير الشؤون فيه شيخ هو خير شيوخ الأزهر فيمن رأينا

ونحن إذ نجهر بذلك وننادي به فإنما نعبر عن رأي الكثيرين من العلماء، وبخاصة ذووا الصراحة منهم، ونحتذي في الوقت نفسه خطة المصلح الأكبر الإمام المراغي التي رسمها في أول خطاب له في الجامع الأزهر حين عاد شيخاً له للمرة الثانية

فهل يجد هذا النداء المتواضع من سميع؟

عبد العزيز محمد عيسى

مدرس بمعهد القاهرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>