رحم الله محمد محمود! لقد كان فوق الشهوات والحزازات والحوادث فكان عفَّ اليد واللسان والضمير. وكان الناس لندرة هذه الخلال فيهم يحسبونه قد نزع في ذلك إلى أبناء (أكسفُرد)؛ وما كان الشبه بينه وبينهم إلا في صفات القوة كصراحة الخُلق وصرامة النظام والاعتداد بالنفس والاستقلال في الرأي وما يستتبع أولئك من المحافظة على السَّنن الموروث والاكتراث للعرف المتَّبع. وأصول هذه الأخلاق مما ينبت طبيعةً في أقاليم الصعيد؛ ولكنها تزكو زكاء الكلمة الطيبة إذا غذت أرومتها خصائص الجنس الممتاز وفضائل الدين الصحيح.
فإذا برَّح بالأمة الحزن عليه فذلك لأنه كان المثل الشاهد على أنها تلد الرجال الكمَلة إذا نشَّأتهم على سننها القويمة، ولأنه كان القدوة الحسنة لمن كان يشك في نجاح الأخلاق الكريمة.
رحم الله محمد محمود، وعزى أسرته على رزئه أجمل العزاء، وعوض أمته من فقده خير العوض!