للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صدَّقوا الظن اخوة أمّلوكم ... ورجوكم لنوبة الأيام

أدركوا ثأرهم فذاك لديهم ... مثل ردَّ الأرواح في الأجسام

لم تقروا العيون منهم بنصر ... فأقروا عيونهم بانتقام

أنقذوا سبْيهم - وقَلَّ لهم ذا ... ك حفاظً ورعية للذمام

عارهم لازم لكم، أيها النا ... س، لأن الأديان كالأرحام

لا تطيلوا المقام عن جنة الخل ... د فأنتم في غير دار مقام

فاشتروا الباقيات بالعرَض الأد ... نى، وبيعوا انقطاعه بالدوام

هكذا ينتهي ابن الرومي من قصيدته في رثاء البصرة وفيما أصابها وأهلها من صاحب الزنج وفتنة الزنج وتحريض الناس على الثأر منه ومنهم.

وأعتقد أن القارئ يجد أني لم أكن مغالياً حين قلت في ختام مقالي الأول عن هذه القصيدة من شعر ابن الرومي إنها قصيدة عجيبة من غرائب الشعر العربي، وضوح بيان، وقوة تصوير، وإعجاب خيال، وصدق عاطفة، وأنها من بدائع الشعر العربي كله.

وأزيد على ذلك اليوم أن ابن الرومي كان في تحريضه الناس وتهييجه لهم، ماكراً خبيثاً وقوياً عارماً شديد التأثير، يكاد شعره في ذلك يدفعنا نحن الآن - أحد عشر قرناً - إلى الثورة والهياج.

محمود الشرقاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>