قبلك كثيراً من الرجال، ولكنني لم أقبَّل غيرك جثة هامدة. . . أنت رجل مضحك فاذهب من أمامي لقد قالت لي ذلك؛ فلما لم أذهب، خرجت هي من تلك الغرفة، وقالت لزوجها بنفسها: إن في المنزل رجلاً غريباً. . . هل أنت سامع؟
فقلت له وأنا بين النوم واليقظة: إنني أريد أنام، فنحن في منتصف الساعة الرابعة، فقال: أنحن في منتصف الساعة الرابعة؟ لقد آن وقت النوم.
وخلع حذاءه الثاني وقال: لقد كنت مسافراً مع أحد الأعيان، فبقيت كعادتي صامتاً في الطريق.
عند ذلك أغمضت عيني ودفعت صوتي بالغطيط لكي يحسبني نائماً فيسكت، ولكنه استمر يقول: فسألني عن الجهة التي أسافر إليها؛ فقلت له: نعم. . . هل نمت أيها الشاب؟ هل أنت سامع؟ أنائم هو؟ أهو غير نائم؟ ها ها! لقد كان الشاب الذي سكنت معه يفعل مثل ذلك. . . لقد كان ينام ساعة يضع رأسه على الوسادة. . . إن الناس لا يحبون كلامي. . . ها ها!
فرفعت رأسي وقلت له بلجة المتهكم:
- لقد قلت لي إنك رجل صامت، وأنا الآن أشك فيما تدعيه.
فقال: إنني أتكلم عن حوادث جرها حب السكوت. ومن تلك الحوادث، أنني ذهبت مرة لأعترف للقسيس فسألني:
- أي خطيئة ارتكبتها؟ فقلت: خطايا كثيرة.
فقال: قلها. قلت: كل الخطايا.
فسكت القسيس وسكت أنا.
فقلت له بصوت مغضب وقد جلست على الفراش:
- كلما زدت في حديثك عن الحوادث المؤيدة لحبك للصمت زاد في نفس اليقين بأنك كاذب!
فقال: لماذا؟ هل في حديثي ما يبعث على الشك في حبي للصمت؟ إن حبي للصمت قد آذاني كثيراً، فقد كنت مرة بالمكتب، فجاء رئيسي وسألني: هل لدي أخبار؟ فقلت: كلا، فقال: ما معنى قولك كلا؟