إلى بغداد ووصله بالخليفة المعتضد فأدخله في جملة المنجمين، ويقول إبن النديم:(. . . قيل قرأ على محمد بن موسى فتعلم في داره فوجب حقه فوصله بالمعتضد وأدخله في جملة المنجمين. . .) وعلى ذكر المعتضد نقول إنه كان يحترم العلماء وأصحاب المواهب والكفاءات ويجلبهم ويغدق عليهم العطايا، فقد روى أنه لما تقلد الخلافة أقطع ثابتا وغيره (الضياع الجليلة)، ومما يدل على تقديره لمواهب ثابت وفضله أنه بينما كان يمشي (ثابت) مع المعتضد في الفردوس وهو بستان في دار الخليفة، وقد اتكأ على يد ثابت إذ نزع الخليفة يده من يد ثابت بشدة (. . . ففزع ثابت فإن الخليفة كان مهيبا جدا، فلما نزع يده من يد ثابت قال له: يا أبا الحسن سهوت ووضعت يدي على يدك واستندت عليها، وليس هكذا يجب أن يكون، فإن العلماء يعلون ولا يعلون. . .)
كان ثابت من ألمع علماء عصره ومن الذين تركوا مآثر جمة في بعض العلوم، وكان يحسن السريانية واليونانية والعبرية جيد النقل إلى العربية، ويعده سارطون من أعظم المترجمين وأعظم من عرف في مدرسة حران في العالم العربي. وقد ترجم كتباً كثيرة من علوم الأقدمين في الرياضيات والمنطق والتنجيم والطب. وثابت أصلح الترجمة العربية لمجسطي بطليموس وجعل متنها سهل التناول. ولبطليموس كتاب آخر اسمه - كتاب جغرافيا في المعمور ووصفة الأرض - نقله ثابت إلى العربية، وأصلح أيضاً كتاب الكرة والأسطوانة لأرشميدس المصري، والمقالة الأولى من كتاب نسبة الجذور. وكذلك أصلح كتاب المعطيات في الهندسة لأقليدس - وقد عربه إسحق وهو خمسة وتسعون شكلا. واختصر المجسطي اختصارا لم يوفق اختصاراً لم يوفق إليه غيره. ويقول ابن الفقطي:(. . . إنه لم يختصر المقالة الثالثة عشرة. . .) وقد قصد من هذا المختصر تعمي المجسطي وتسهيل قراءته. ولا يخفى ما أحدث تعميمه من أثر في نشر المعرفة وترغيب العلماء في الرياضيات والفلك
وفي بداية القرن الثالث للهجرة استعملت الجيوب بدل الأوتار، ومن الصعب تعيين الشخص الذي خطا هذه الخطوة، ولكن ثبت أن ثابتاً هو الذي وضع دعوى (منالاوس) في شكلها الحاضر. وفوق ذلك فقد حل بعض المعادلات التكعيبية بطرق هنسية استعان بها بعض علماء الغرب في بحوثهم الرياضية في القرن السادس عشر للميلاد ككاردان وغير