روح عابثة ماجنة، وبجانبه (حسان) تتحرك شفتاه ويكاد يبدو من بينهما لسانه كأنه يريد أن يقول شيئا. . . ثم يبدأ الحوار هكذا:
الأعشى:
حَلَفْتُ بها وبأَرْبابها ... وَبالنَّعَمِ الْحُمْرِ في بابها
وبالمْعَبِد الطُّهْر في أرضها ... وباركْن منها وَمحرَابها
وَكُومِ المطَايا وقد أقبلتْ ... تُساقُ إلى يَدِ حُجَّابها
لأَتّخذنَّ بها طَوْفَتي ... وَأَقِضي الحقوقَ لأصحابها
وَأَرْجعُ بْعدُ إلى دارتي ... وفي النَّفْس من حُبَّهَا ما بها
فأَنْشقُ من طِيب ريْحَانهَا ... وَأَشربُ من خَمْرِ أَعْنَابها
وَألوِي بهَا غُصْنَ فتَّانةٍ ... يُلَفُّ الشبابُ بأثوابها
فأُسمِعها الشِّعْر مُسْتعَذَبا ... وَتُسْمِعني لحْن أقصابها
زهير:
ظننتَ حياةَ المرءِ يا شيخُ غادةً ... تُلَفُّ وأكواباً تُراقُ وتُسْكَبُ
دَع القَصَبات اليومَ واسمع لحكمةٍ ... يؤلفِّها شِعْراً حكيم مجرِّب
أَمَالك في الشِّعر المهذّبِ غايةٌ ... ومالك في صدق التجارب مَطلَب
وَحَتَّامَ تلهو والزمانُ كما ترى ... يجيءُ بأَحْداث جِسام ويذهب
عجبتُ لمن يَقضِي الحياةَ مُلاعباً ... وأيامُهُ من جِدهَّا ليس تلعب!
الأعشى
ما العيشُ إلاّ صَباباتٌ موزْعَةٌ ... وَمُتعةٌ وَلذَاذاتٌ وأوْطَارُ
كم مجلسٍ كان لي فيه مُعَابثَةٌ ... وأرْبُعٌ كان لي فيها أسمَارُ
تَظَلَّ فيها العَذارَى يَرْتمين على ... بُسْطٍ وشَاهدُنَا جلُّ وأزهارُ
وكم وقفتُ عَلَى الأطلالِ أسألهُا
قس: وهل تجيبُك في الأطلال أَحْجَارُ؟
الأعشى:
بالله هلْ نَفَعْتكَ اليومَ فلسفةٌ ... وحكمةٌ نَظَمَتْها منك أشعارُ؟