للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهلْ تجاريُبك الغرّاءُ نَافعةٌ ... إذا نأَتْ بكَ بعد الموْتَةِ الدارُ

وهل أَتَتْنَا من الماضين تَذْكِرةٌ ... أو طالعَتْنَا من الفِانين أخبارُ

قيس:

عَجِبْتُ لأَعشى قَيْس وَهَو يداورُ ... ويُمْعنُ في أهوائه ويُكابر

فما صَرَفَتْهُ عن هَواهُ شريعةٌ ... ولا ردَّه عن لهوهِ اليومَ زاجرُ

تجَاذِبُه تلكَ القِيانُ فؤادَهُ ... وَتَفْتِنَهُ تِلك المها وَالجآذِر

فهلْ فَتنَتْهُ في السماء نجومُها ... وَهُنَّ بآفاق السماءِ زَوَاهر؟

وهل ليلُها الداجي يُفتِّقُ ذِهنَه ... وهل صُبحُها اللمَّاحُ والضوء باهر

وهل فَتَنتْه الريحُ والريحَ عاصِفُ ... وَأَثَّر فيه البحرُ والبحر هادِر

بَدائِعُ شادَتها يَدُ القادرِ الذي ... تَدين لهُ الدنيا وَتَعْنو الجبابر.

هُوَ الموتُ ما في الموتِ شكٌّ على امرئ ... وللهِ منْ بعد الحياةِ المصائرُ

وَما نحن إِلا الواردون على الوَّرى ... وَلَوْ كَثُرَتْ بالواردين المصادِر

زهير:

يا قُسُّ إِنك قد رُزقتَ لقانةً ... ووُهِبْتَ من فَصْل الخطاب نصيبَا

وأرى عليك من الحكيم مَلاحظاً ... تَرْمى الغُيوبَ فلا يَعُدْنَ غيوبا

عَينُ البصيرة فيك وَهْيَ قويةٌ ... نَظَرَتْ تَرُودُ العَاَلمَ المحجوبا

أنَا ما عرفتُك قبلَ ذلك شاعرا ... لكِن عرفتُك في النَّدِىَّ خطيبا

سبحان من لَقَّاكَ من آياته ... وَحَباك من صدق اليقين ضُروبا

قيس:

إني وجدتُ في السماءِ خبرَا ... كما وجدتُ في دُجاها عِبَرا

أَمْعَنْتُ فيهَا وأَطَلْتُ النَّظرا ... وَرُحْتَ أَطوي في مَدَاها الفِكَرا

أَسْتَقِرئُّ الشمس بها والقَمرا ... وأَقْطَعُ الفِكْرَ إِليها سَفَرا

كأنَّ لي عِنْد السماء وَطَرا ... فأَلهْمتْني من ذَراها سُوَرَا

رَأَيْتُ فيها الخالِقَ المصوَّرا ... وقد تجلَّى وجهُهُ وأَسْفَرا

يَا لَيْتَ مَنْ أَضاَء لي ونوَّرا ... أضاَء للأَعشى الظلامَ الأكدرا

<<  <  ج:
ص:  >  >>