للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفي هذه اللحظة تمر على الشعراء الأربعة فتاة في برد يماني مخطط. وقد اعتدل قوامها واسرعت خطواتها. . . فتغض عنها عيون ثلاثة من الشعراء. . . أما الأعشى فيتابعها بنظراته الطامعة المتلهفة. . . ولا ينصرف عن النظر اليها حتى تواريها بعض الجدران فيوجه الكلام إلى (قيس):

الأعشى:

يَا نَاظِراً في السماء اليومَ نَظرَته ... هلاّ أطلت لتلكَ الْقَيْنَةِ النَّظَرا

مَرَّتْ بنا كَوميض البرقِ مُعْجلةً ... كأنها الحُلْمُ بعد النَّوْم قد عَبَرا

تفوح أرْدانُها مِسكاً وأَصْوِرَةً ... وَينفَح الْغُصْنُ منها زَنبقاً عَطِرا

ما البدرُ أَجْمَل إِشراقاً ولألأةً ... منها إِذا مَا بدا في الأَفْقِِ أو ظهرا

انظرْ إلى الشمس في أحضانِ غانيةٍ ... ونَاج بينِ ذِراعيْ حِبِّكَ القمرا

لا تقطع الْعُمْر تفكيراً وفلسفةً ... تجني بها الشّوكَ لا تجني بها الزهَرَا

زهير:

صاحبُنا الأعشْى نَطَقْ ... بِسِقْهِ وما صَدَقْ

ما الشِّعرُ يا أَعْشى جنُوُ ... نٌ ومُجُونٌ يُسْتَبَقْ

الشعرُ حِكمة تُصا ... دُ من جوانب الأُفُقْ

في الأرضِ! في السماء! في ... ضَوْءِ الصَّباحِ! في الْغَسَقْ

حسان:

صَدَقتَ يا زُهَيرُ فالشِّ ... عْرُ هِدَايَةُ الْبَشَرْ

مَنْ لي بميْدانٍ أَصُو ... لُ وأَجولُ بالْغُرَرْ

أَنُشرُ عَضْباً قاطِعاً ... كَأَنْهُ وَخْزُ الإبَرْ. . .

وهنا يمسك حسان لسانه ويضرب به أرنبة أنفه في زهو وخيلاء. . . من زهو الجاهلية! ثم يتابع قائلا:

لسانُ حَسَّانَ الذي ... يَفْرى به صَلْدَ الَحجَرْ

يَقذفُ بالحقِّ عَلَىال ... باطل مَهْزومَ الزُّمَرْ

إنيّ أُحس أنَّ لِي ... غداً مِكاناً يُدَّخَرْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>