مقال (للرسالة) فإني من قرائها المدمنين، ولك مني ألف تحية. . .
(الإسكندرية)
المخلص
الياس إبراهيم بدوي
والمسوغ الوحيد عندي للتعقيب على هذه الرسالة هو أن أتخذ منها موضوعاً لدراسة نفسية، وإن تناول هذا الموضوع شخصي فيما يتناوله من أطرافه وشعابه
فمكان الخطأ في رأي الكاتب - على ما أرى هو اعتقاده أن (السلطة) نهاية كل قدرة، وأن السلطة والقدرة شيئان من معدن واحد، أو شيئان لا ينفصلان
ولبيان هذا الخطأ نسأل: لماذا يطلب الإنسان السلطة؟ وجواب هذا السؤال أنه يطلب السلطة لسبب من هذه الأسباب الأربعة: أولها أن تسخير الناس طبيعة فيه كالطبيعة التي تشاهد في رأس القطيع بين الحيوانات الاجتماعية، وفي هذه الحالة تكون السلطة عنده بمثابة الوظيفة الحيوية أو التركيب البدني الذي لا علاقة له بقوى الفكر والروح. إنسان يسود لأنه لابد أن يسود، كالقوة المادية الدافعة التي لابد أن تدفع غيرها، فلا شأن لها بالتفكير ولا بالضمير
وثاني هذه الأسباب أن الإنسان يطلب السلطة ليشعر بالامتياز، وفي هذه الحالة يكون هذا الإنسان ناقصاً بين النقص إن لم يشعر بالامتياز من غير سلطة، ويكون ناقصاً بيّن النقص إن كان سبيله الوحيد إلى الشعور بامتيازه أن يرى إنساناً يقصده في حاجة، ويرى إنساناً آخر يقف مكتوفاً بين يديه، ويرى إنساناً ثالثاً يطيعه وإنساناً رابعاً يخشاه. فإن امتياز الفكر والروح يتحقق لصاحبه ولو ير بعينيه مظهراً من هذه المظاهر، كما أن هذه المظاهر تسقط عن صاحبها متى زالت عنه السلطة وزال عنه الأمل في العودة إليها، فلا يقصده بالحاجة من كان يقصده بها، ولا يقف مكتوفاً بين يديه من كان يقف بين يديه هذه الوقفة، ولا يطيعه أو يخشاه من كان يريه الطاعة والخشية، ولا يحس يومئذ شيئاً من الامتياز الذي أضافته السلطة إليه ثم زال عنه بزواله
أما صاحب الامتياز الحق فهو يشعر به ولو لم يشعر به غيره، كصاحب الجسم القوي يأكل