للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرسول الله صلى الله عليه وسلم العداوَة والبغضاء بغياً بغير حق ولا علم، يتعنتونه، ويأتونه باللَّبس ليلبسوا الحق بالباطل، ويحاولون جهدهم أن يفتنوه؛ ممن انحدر في دمائهم حب العنت، وأشربوا في قلوبهم روح المكابرة من لدن مَن قال من أجدادهم: (أرنا الله جهرة) حتى مشرق الإسلام على جزيرة العرب؛ ممن عموا وتاهوا وارتدغوا في حمأة الضلالة على يدي علمهم

أفكان لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يلم شعث هذا الناس ويجمع شتاتهم على كلمة الدين. . . كلمة الأمان والسلام بعد ما كان بينهم من تنافر وتنابذ في يوم بعاث ومن قبله يوم مفلَّس ومضرس، ثم لا يتلمس هذا الفاسق حيلة يريد أن يطفئ بها نور الله وأن يؤرث بها ضغائن مسحت عليها يد الإسلام الرقيقة؟ أفكان الدين الجديد أن ينفث سحره في قلوب الأعداء فيصبحوا بنعمة الله إخواناً. ثم لا يجد هذا الفاجر مَسَّ الغيظ في قرارة نفسه يوشك أن يعصف به؟

لعمري إنه ليعلم أن هذا هو الدين الذي كان ينتظر، يجده مكتوباً عنده في التوراة؛ وهذا هو النبي الذي كانوا يستفتحون به على أهل الشرك من قبل أن يأتيهم، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وأعرضوا عنه، وحملوا عليه، حسداً من عند أنفسهم

وانطلق شاس يفتش عن دواء لداء الغل الذي يحز في نفسه فيثور به فيمنعه القرار، وينفث في حياته قلقاً ما يطمئن. . . انطلق والشيطان يدفعه ويوسوس له، فاستنام إلى رأي الشيطان

ولا ريب، فللشيطان قدرة على أن يحل كل مشكلة بطريقة شيطانية تبذر - دائماً - غراس الخراب والدمار، وتلد - أبداً - الشقاق والبغضاء

وجلس الشيخ إلى فتى غرّ أهوج من فتيان يهود يتملقه حيناً وينشر على عينيه ضعفه حيناً؛ وراح الشيخ يمكر بالفتى يقول: (. . . واتخذوني يا بني سخرية إن أنا أقبلت أو أدبرتُ؛ وأنا رجل كبّار، قد دقّ عظمي وتقبّض جلدي على مثل ما ترى، لا حول لي ولا طول، وهم ما ينفكون يهزؤون بكتابنا ويحتقرون ديننا ويتندرون على أحبارنا، فنستشعر الهوان والذلة ونحن كنا في العز والمنعة. ومَن لنا وللدين إن لم نجد في شبابنا وهم كُثر، مَن يرد عنا كيد هؤلاء ويدفع أذاهم. يا بني. . . يا بني. . .)

<<  <  ج:
ص:  >  >>