(بنجز) الذي اضطر الفرنسيين إلى الفرار وتولية الأدبار
وبهذه الشجاعة الأدبية الفائقة، والتضحية الحق التي بذلها (ريتشاردز) استطاع عشرات من الجنود الإنجليز أن يعوّقوا عشرة آلاف جندي من الفرنسيين عن القتال، وأن يؤخروهم حتى يجئ المدد ويتم النصر، ويقضي على محاولة فرنسا لتستولي على أملاك الإمبراطورية البريطانية
أما (موفات) فلم يسمع به أحد إلا القليل ممن يقرءون تاريخ الكشف الأفريقي، وأين منه مثلاً الاسم الواسع العريض الذي يتمتع به ليفنجستون؟ والحق أن هذا الأخير قد قرر فيما قرره أن أعماله في أفريقية كادت تكون عملاً مستحيلاً لولا أن (موفات) ذلل له السبيل، ومهد له الطريق
كان (موفات) من أسرة وضيعة الحال، إلا أن ذلك لم يمنعه أن يكون أحد البناءين المنسيين في الإمبراطورية البريطانية. والحق أن بناء الأمم لا يحتاج إلى شخصيات من ذوي الحسب وأصحاب النسب؛ بل كثيراً ما تكون الإرادة القوية والعزيمة الصادقة، والتضحية الفائقة هي العوامل الفعالة في رفع البناء.
وإذا تجردنا من الهوى نجد أن أعظم الدكتاتورين المعاصرين هم من أسر رقيقة الحال، ومن طبقات لم تبلغ مكان السيادة، ولا محل القيادة.
وكذلك كان (موفات). فقد ظل يعمل في أفريقية مدة خمسين عاماً بين زنوج أفريقية. وكان أمة وحده في نشر الدعوة للإمبراطورية في وقت لم تشهد القارة السوداء فيه وجهاً واحداً من ذوي البشرة البيضاء، والعيون الزرق.
ولقد أحبه الرحالة العظيم لفنجستون، ووثق به واطمأن إليه وتزوج ابنته. وكان (موفات) في البعثة التي ذهبت إلى أفريقيا بعد عيشة خمسين عاماً فيها ليبحث عن حميه التائه في مجاهل القارة المظلمة