للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأفريقية اسم (موفات)؟

هذه أسماء ثلاثة لا أظن أن قارئاً سمع بها أو عرف نبأ عنها. فهي مطوية في تاريخ الإمبراطورية مسدول عليها ستار كثيف من النسيان؛ إلى أن تناولها الكاتب الإنجليزي الكبير (آدام بوزويل) في إحدى المجلات الإنجليزية من شهور قريبة، وعرف كيف يقدمها إلى قرائه في إنصاف بعيد عن التهويل والتهليل، وتجنب أن يضفي عليها ثوباً فياضاً من المبالغة والخيال. أما (كلسي فقد نشأ وضيع المنشأ، فقير الأهل صرعه الجوع يوماً فسقط مغشياً عليه، فالتقطه أحد الموظفين بشركة (هادسون باي) وحمله معه على إحدى البواخر حتى بلغا (فورت نلسون)، وهو بناء خرب متصدع الأركان يحيط به فضاء موحش، وهناك قام عمل الفراء على يد هذه الشركة

وكان (كلسي) غلاماً شقياً لا يطيع أمراً، ولا يحترم إرادة، فحمل إلى الحاكم فأمر بجلده. وتقلبت عليه سنون سود اختلط فيها بالهنود في كندا وعاش عيشتهم، وأخذ أخذهم، إلى أن حان له وقت البناء لمجد بلاده فألّب الهنود على الفرنسيين في كندا، وكان الهنود يحبونه ولا يعصون له أمراً؛ فانهالوا على الفرنسيين من كل جانب وأخرجوهم، ومكنوا للإنجليز في السلطان

وكانت القبائل تدخل في طاعته، وتنقاد إلى زمرته بدافع من المحبة له، وهو أول إنجليزي كشف شمال كندا الغربي وأضافه برمته إلى أملاك الإمبراطورية

أما (جون ريتشاردز) فكان ابن فلاح من غمار الناس لا من خواصهم. دخل في الجيش جندياً صغيراً جداً لا يؤبه له ولا يعتد به، ثم أصبح في زمن يسير قائداً عاماً

وفي أوائل القرن الثامن عشر كان مؤمراً على كتيبة من الجند في مدينة (أليكانت) ببلاد أسبانيا. وقد كان حظ إنجلترا أن تقاتل ضد فرنسا في ذلك الحين. ولكن شجاعة (ريتشاردز) وروحه المعنوية القوية سرت إلى ضباطه الصغار وجنوده، فقابلوا خطراً محققاً من لغم وضعه الفرنسيين لهم، ولم يحيدوا عن أماكنهم؛ أو يتزحزحوا عن مواقفهم؛ إطاعة لأمر قائدهم. وانفجر اللغم فمات منهم عدد كثير. ومات القائد في طليعة ذلك العدد

ولكن موتهم كانت حياة لمن بقى بعدهم. فقد ثبت الباقون منهم أمام أعدائهم، ولم يلقوا سلاحاً أو يرموا عدة من عدد الحرب حتى جاءهم عدد كبير تحت قيادة أمير البحر الإنجليزي

<<  <  ج:
ص:  >  >>