- حين يلتفتون! - لغير الاتفاقات والمعاهدات، ولا يذكرون إلا أن السودان جزءٌ من مصر تعرض لمصاعب قد تزول بعد زمن قصير أو طويل.
والأمة التي تعتمد على ساستها في (جميع) الشؤون، غير جديرة بشرف الاستقلال
يجب على رجال الأدب أن يعرفوا واجبهم نحو السودان، السودان العربي، بغض النظر عن صفته المصرية، فمن التقصير الذميم أن ننسى أن السودان من موائل العروبة، حين نتحدث عن: المغرب واليمن والحجاز وفلسطين وسورية ولبنان والعراق
والعتْب الذي أوجهه إلى أدباء مصر، أوجهه إلى إخوانهم بسائر الأقطار العربية، فقد كان يجب على إخواننا في الشرق العربي أن يذكروا إخوانهم في السودان، فما خلا رأس أديب بمصر الجنوبية من شواغل نبيلة تصل عقله وروحه بأقباس العروبة في هذا الزمان، وإن لمعتْ من أفق سحيق كالأفق الذي تشعْ منه بوارق العروبة بين المهاجرين في أمريكا الجنوبية
أليس من العقوق أن يجهل بعض أبناء العرب أخبار السودان، مع أن السودان يعرف من أخبارهم كل شئ؟
لمصر فرصة من فرص الجاذبية، وهي مكانتها العلمية، وللحجاز فرصة أعظم، لأنه وطن الحرمين الشريفين، والشام معهد ملك بني أمية، والعراق معهد ملك بني العباس، فماذا بقى للسودان حتى يهتم به العرب والمسلمون؟
بقى للسودان حق شريف نبيل: هو تفرده بالصدق الأصيل؛ فما تعب العرب ولا تعب المسلمون في توطيد سلطانهم الأدبي والروحي في البلاد التي ينبع فيها النيل، وإنما صدق السودان للعروبة والإسلام بلا دعوة ولا دعاة كأنه أبى أن يتلقى وحي الهداية عن أحد من الوسطاء
السودان العربي حصن حصين، والسودان المسلم كنز ثمين، ولو صدق جميع العرب والمسلمين كما صدق السودان لخفَّت بليتنا بالخوارج على العروبة والإسلام في بلاد لم يحفظ فيها مجد الآباء غير أفراد لا يزيدون عن مائة مليون، مع أن هَدي العروبة والإسلام كان وصل إلى مئات الملايين
قيل إن أهل السودان وصل عددهم إلى ثمانية ملايين من النفوس، وأقول إنه ثبت عندي