والمجذاف والمقذاف. . . فما معنى ذلك؟ معناه أن العرب لهم في هذا المعنى ثلاثة ألفاظ تنقل بها الحظ من بلد إلى بلد ومن جيل إلى جيل،
فمن الواجب إذاً أن ندرك أن المصريين لم يقولوا (التجديف) إلا وهم يريدون (التقذيف)، فهم قلبوا القاف جيما كما يصنع بعض اليمنيين والعراقيين، وكما يصنع سكان مصر من أهل الصعيد بدليل أن سكان مصر من أهل المنوفية يقولون (التأديف)، على عادتهم في وضع الهمزة مكان القاف
وتلك فائدة لا ينكرها باحث مفضال مثل العوامري بك. . . ألم يسمع بالمثل المصري الذي يقول:(على قد فوله قدِّفوا له)
فهذا المثل يرى التجديف هو التقذيف، وقلبت الذال دالاً على طريقة بعض القبائل العربية في تحويل المعجمات إلى مهملات
ولهذا البحث تفاصيل سأقدمها لحضرة الأستاذ (ا. ع) إذا بدا له أن يُعقب على هذا البحث من جديد، فهو فيما أرى من أكابر الباحثين
أما القول بأني أعدّي فعل (أمكن) بالحرف وهو يتعدى بنفسه، فله توجيه سجلته في مجلة أبوللو منذ أعوام حين اعترض أحد أدباء العراق على تعدية فعل (حرَم) بالحرف في بعض قصائدي، وهو يتعدى بنفسه؛ وخلاصة ذلك التوجيه أني قد أرى المعنى في بعض الأحايين لا يؤدي تأدية صحيحة إلا إذا عبرت عنه بتلك الصورة، وكان الأستاذ محمد عبد الغني حسن يعرف عني ذلك الرأي، فلم أر موجباً لمناقشته فيه. . . ولم يكن إيثاري لذلك التعبير ضرباً من العناد، كما أراد حضرة الباحث أن يقول، وإنما كان إيثاراً لحرية القلم في شرح دقائق المعاني، وهي حرية تفرض الثورة على المعاجم في بعض الأحايين
زكي مبارك
خصومة لا عداوة
قرأت في العدد الماضي من (الرسالة) كلمة للدكتور زكي مبارك عن الجدل بينه وبين الأستاذ السباعي بيومي. جاء فيها:
(رأى جماعة من كبار المفتشين وهم الأساتذة جاد المولى بك ومحمد علي مصطفى ومحمود