أما النص الذي يوجب أن يتعلم التلاميذ المسلمون مبادئ الدين الإسلامي فقد وافق عليه نظار المدارس الأجنبية بعد جدال بسيط، وكانت حجة المجادلين إن بعض المدارس قد تتعدد فيها الديانات والمذاهب، فمن الإرهاق لجدول الدروس أن تخصّص فيه ساعات لتدريس ديانات التلاميذ على ما بينها من تباعد واختلاف، وهنا وجدت وزارة المعارف الحل فرضيت بأن تكون دروس الدين الإسلامي في أيام الآحاد
ذلك ما حدثني به الصديق الذي شهد تلك المباحثات فما الذي أملك في التعقيب على هذا الموضوع الدقيق؟
أواجه الموضوع بصراحة تنفعنا وتنفع ضيوفنا الأجانب فأقول: تنقسم المدارس الأجنبية إلى قسمين: مدارس مدنية ومدارس دينية
أما المدارس المدنية فهي على أتم استعداد لتدريس الدين الإسلامي في دورها، لأن نظامها يقوم على احترام جميع الديانات وإن كانت غير ملزمة بتدريس الديانات، وما دام الرأي العام في مصر يرى أن الدين الإسلامي مادة أساسية في تثقيف التلاميذ المسلمين فهي لا تمانع في أن يكون في دورها مكان لتعليم أولئك التلاميذ مبادئ ذلك الدين
بقيت المدارس الدينية، وهي مدارس لا يُطلب منها غير الحياد، فكيف نفرض عليها أن تعلم الدين الإسلامي في دورها؟ إنما يجب أن نسهل عليها هذه المهمة فنتولى تعليم من بها من التلاميذ المسلمين في دور المدارس المصرية وفي أيام الآحاد
ذلك ما رأته وزارة المعارف، وهو رأي أرادت به مجاملة المدارس الدينية، حتى لا يقال إن وزارة المعارف تجرح إحساس الأجانب من رجال الدين
كل هذا جميل، وجميل جدا، وجدا جميل، كما يعبر الدكتور طه حسين
ولكنه إن وقع فسيشهد بأننا جميعا نعيش في عصور الظلمات؛ فنظار المدارس الأجنبية لا ينكرون أن الإسلام دين يتقرب به إلى الله مئات الملايين. فكيف تضيق به مدرسة يديرها أوربيون أو أمريكيون، وقد نشأوا في بلاد لا ترى من العيب أن تدرس الأوهام والأضاليل حتى تشعر بالحرج في السماح بتدريس الدين الإسلامي (وهو إن لم يكن وحيا من السماء كما يزعم من خاصموه فهو بلا جدال أقوى صورة من صور الضمير الإنساني، وأعظم