ومنها أنه يتأوه ويتوجع كأنه بين يدي سفاح يعذبه أو جراح يجرحه قبل اكتشاف وسائل التخدير الطبي، وتارة يتميع ويتغنج إثارة للشبق بين بكائه في غنائه بكاء الثكلى
كل أولئك عيوب تشوه حتى احسن الأصوات وهي غريبة عن الصوت الغنائي، وكثيرا ما يجتمع منها وحدها ما يمض المستمع البصير، ويوهم أن مجلس الغناء مأتم مجانين، ويكفي لإخراج هذا الغناء عن الفن
تلك العيوب البينة في غنائنا وموسيقانا قد يلاحظها العامة وأشباه العامة، لكن لا على إنها عيوب بل على أنها محاسن من صميم الفن، ومن شواهد النبوغ والعبقرية؛ ويتبعهم في الإعجاب بها كل إمعَّة، خصوصاً في الحفلات حيث تسود روح الجمهرة، ثم يتأثر من إعجابها السواد الأكبر الذي لا يجرؤ على مخالفة رأيه الأكثرون من الأفراد، وهذا هو السر في كل صيت كاذب مفسد للأذواق.