للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكذلك تصنع بالأمل البازغ، والحب الوليد. . .!

إنك لا تضيع لحظة واحدة! ويحي! وما اللحظات لديك؟

ليخيل إلي أنك تسخر منا ونحن نقسم الوقت لحظات! وكيف تعرف حدودها فنقول: من هنا تنتهي اللحظة الغابرة وتبدأ اللحظة الحاضرة! والوقت خيط طويل يلفه لولب الزمن فيمر بنا أو نمر به بلا توقف ولا فواصل ولا حدود؟. . . ما اللحظات والثواني والدقائق والساعات؟ ما أولها وما آخرها؟. . . ما من أول لها ولا آخر إلا في أوهامنا نحن أبناء الفناء!

إنك هناك وراء منسجك الأبدي تبلى وتجدد في آن، بعيداً عن الحس والوعي، بعيداً عن التأمل والملاحظة، بعيدا عن الشك والريبة. وربما خيل لبعض السذج أن يرقبوك في عملك الدائب، فإذا أنت تبدو لهم ساكنا صامتا كلما أمعنوا في الوعي والرقابة، بينما أنت تعمل عملك، تنسل وتنسج في كل شئ، حتى في وعيهم ورقابتهم وهم لا يشعرون!

أيها الساحر القادر. . . إنك لتحتفظ دائماً بسر اللحظة الحاضرة، فلا تدع عيناً تقربها ولاحساً يدركها، ولا فكراً يؤولها، ولا نفساً تلهمها. . . إنها لك وحدك. تنسل خيوطها وتنسج سواها، ويدك التي تنسل الخيط القديم هي التي تنسج الخيط الجديد، موصولا هذا بذاك، فلا مبدأ ولا نهاية ولا فاصل بين الخيطين تدركه العين أو الضمير. . . فإذا خرجت من منسجك أبحتها لحظة عابرة للأبصار والأفكار، ريثما تنسل وتنسج نفس هذه الأبصار والأفكار

وقد يحاول بعض السذج أن يقفوا دورتك، استبقاء للحظة يحبونها أو تفاديا من لحظة يرهبونها؛ وقد يتشبثون بالأوهام، ويثبتون أقدامهم بالوقت والمكان؛ وإذا أنت في غفلة عنهم تمر بهم، وتنقل أقدامهم وأوهامهم؛ وأنت تنسل وتنسج خيوط الإقدام والأوهام!

وكم مرة خيل إليهم أن هناك مفاجأة وطفرة. وما كان من ذلك شئ، إنما كنت أنت هناك، وراء المنسج، في صومعتك الأزلية، تبلى وتجدد، وتفني وتخلق، وتنسل وتنسج؛ وهم عنك في غفلة. ثم استيقظوا أو خيل إليهم انهم استيقظوا! فهالهم ما أبليت وما جددت؛ وصاحوا مشدوهين كالأطفال، وقذفوا في وجهك بعلامات التعجب والاستفهام بينما أنت دائب على منسجك تبلي وتجدد، حتى في ذلك التعجب وهذا الاستفهام!

<<  <  ج:
ص:  >  >>