للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحرب. عرف ذلك نابليون سنة ١٨١٥ وقد بدأ (هتلر) يعرفه الآن

عندما يكون (ذلك الشيء) هو (الحرب)، تبدأ إنجلترا بطيئة؛ ولكن متى بدأت، كان من الصعب إيقاف تلك الآلة الحربية البريطانية الهائلة، بل قل إنها لا تقف حتى ينتهي عملها النهاية الناجحة المرجوة منه. والبدء البطيء والتقدم المتئد يرجعان إلى (الديمقراطية البريطانية)

في بعض الممالك يستطيع الديكتاتور أن يشن حربا متى أراد ذلك، ولكن - في إنجلترا - لا يستطيع أحد أن يقرر شيئا ذا أهمية قومية - بل الحرب - دون موافقة الشعب وتأييده الاختياري له. والإنكليز يكرهون الحرب لأنهم يعلمون أنها مضيعة ومناقضة للصالح العام. وهم يعلمون ذلك لأن حكومتهم تبيح لهم أن يطالعوا الحقائق في جرائدهم، وتشجعهم على أن يفكروا، ويتحدثوا، ويعملوا، بحرية، ومن أجل أنفسهم وهي هذه المعرفة التي تجعلهم يبطئون في إبداء موافقتهم وتأييدهم لحرب يعلمون عنها أنها تقتضيهم التضحية وتحمل الآلام. وهي الحرية التي يتمتعون بها عندما يفكرون لأنفسهم، التي تقنعهم بوجاهة السبب الذي من أجله يحاربون، وهذا كله هو الذي يصح من أجله القول بأنهم متى وافقوا على أن يحاربوا من أجل الحرية، فأنهم يوالون الحرب بشجاعة وقوة، حتى يفوزوا

إنها الديمقراطية التي علمت الإنكليز أن يكرهوا الحرب. وهي هي نفسها التي تعلمهم كيف يقاتلون، وذاك لأنهم يعلمون السبب الذي من أجله يحاربون. أما الدول الدكتاتورية، فالناس لا يدرون: لم يقاتلون؟ وهم هناك يغذون بالأكاذيب والتأريخ الزائف، فلا يجدون مناصاً من الاعتقاد به. وليس ثمة في وقت السلم ما يؤدي إلى ثلم هذه العقائد؛ أما في أوقات الحروب فإنهم يرون أن زعماءهم غذوهم بالأكاذيب والوعود الزائفة؛ وهذا يؤدي بهم إلى فقدان الثقة بالحكومة التي أخطأت قيادتهم، وينتهي بهم الأمر بأن يصيروا عاجزين عن معرفة ما يجب أن يعتقدوه، وهذا يؤثر في روحهم المعنوية كمحاربين، لأنهم متى فقدوا الثقة والعقيدة فقدوا معها الشجاعة والقدرة على تحمل الآلام.

ألا أن من واجب بريطانيا أن تشكر (الديمقراطية) شكرا جزيلا، فهي التي أكسبتها حروبها السابقة، وهي التي سوف تكسبها حربها الحاضرة، التي هي أكبر من كل حرب مضت

م. ح

<<  <  ج:
ص:  >  >>