الوقت ما أمام الباحث والأديب والمحاضر ليبحث وينقب ويراجع، بل هو مضطر إلى تدوين الأنباء تدويناً خاطفاً، أو إلى التعليق على الحوادث تعليقاً يكون ابن ساعته. فسر الصحافة الحديثة السرعة: السرعة في تلقي الأخبار، والسرعة في إيصالها إلى القراء. وقد جاء انتشار التليفون والتلغراف السلكي واللاسلكي خير معوان لخدمة الصحافة من هذا القبيل؛ وإذا كان (الراديو) قد نهض ينافس الصحافة في سرعة نشر الأخبار، فإن منافسته ستظل محصورة، لأن العبارة المكتوبة لا تزال أحب إلى العقل من العبارة المقولة.
ومادمنا في معرض الكلام عن الأساليب الصحفية وتنوعها فلابد من القول أن صحافتنا في مجموعها قد أصبحت شاملة لكل هذه الأنواع فتوافق جميع الأذواق. فصحافتنا منوعة في مواعيدها: فمنها الصباحية والمسائية، ومنها الأسبوعية والشهرية منوعة في موضوعاتها: فمنها السياسية الأخبارية، ومنها الأدبية العلمية، منها المصورة الفكاهية
منوعة في أسلوبها: فمنها الرزينة المعتدلة، ومنها المتحمسة المندفعة، ومنها المنتقدة اللاذعة
ولا سبيل إلى المفاضلة بين هذه الأساليب، فالأمر راجع إلى ذوق الكاتب ومزاج القارئ. والمهم، أياً كان الأسلوب، أن يكون قائماً على الصدق والإخلاص كما ذكرناه
هذه صفات عامة تتناول جميع كتاب الصحف. وهناك صفات خاصة تتناول كل طائفة من كتاب الصحيفة الواحدة: فللكتاب والمحررين صفات، وللمخبرين والمندوبين صفات، وللمكاتبين والمصححين صفات، وللمترجمين صفات، وللموضبين والذين يتولون عمل (تواليت) الصحيفة صفات، يطول بنا المقام لو شرحناها وفصلنا كل واحدة منها. ولا يقل عمل طائفة من هذه الطوائف التي تحضر الجريدة أهمية عن عمل الأخرى، وإن كان الغرباء عن الصحافة يتصورون خطأ أن الذي يكتب مقالة هو كل شئ في الجريدة
وقبل أن نختم هذا الحديث، فلنفتح صحيفة من صحفنا اليومية لنرى تطبيق ما قدمت. ماذا نجد فيها عادة؟
نجد المقالة أو التعليق على أهم حوادث اليوم
ونجد الأخبار والأنباء التي تتصل بحياة البلد
ونجد الأنباء التلغرافية، وقد طغت في هذه الأيام على سائر أبواب الجرائد نظراً إلى خطورة حوادث الحرب واشتباك جميع المصالح بها