المفاضلة بين الأمويين والهاشميين، فعاشوا في دنيا من الفكر والعقل والوجدان كانت أجدى عليهم من دنيا السيطرة المالية والسياسية، وبذلك حفظوا لغتهم من التضعضع والفناء. ولله حكمة عالية في خلق أسباب الشقاق بين الرجال.
اللغة العربية في العراق مدينة أثقل الدين للخلافات المذهبية، فتلك الخلافات هي التي أوجبت أن يحرص أقوام على رواية أخبار بني أمية وبني العباس، وإن يحرص قوم على رواة أخبار الحسن والحسين، وكانت جميع تلك الأخبار مصبوبة في قوالب هي الغاية في الفصاحة والبلاغة والبيان
ولو جاز لي أن أستعين هذا الأسلوب من المنطق لقلت أن اللغة العربية لم تنهزم في البلاد الفارسية والتركية إلا بسبب انعدام الخلافات المذهبية في تلك البلاد، فالفرس انحازوا إلى جانب، والترك انحازوا إلى جانب، وبهذا السلام خلوا إلى أنفسهم هنا وهناك فحلت النزاعات القومية محل النزاعات المذهبية، واستغنى أولئك وهؤلاء عن الاستنصار بلغة القرآن
فمن كان غلب عنه أن الخلاف نعمة من نعم الله فليذكر هذه الحقيقة ليعرف أن الله قد يبتلي بالخلاف عباده الأصفياء
عاشت لغة العرب في العراق أجيالاً طوالاً بإسناد مذهبية، فمتى فكر العراق في أن يجعل لغة العرب لغة رسمية بعد انقضاء عهود الخلفاء؟
العراق الحديث
هنا يتسع المجال لبيان الأسباب التي أنهضت العراق العربي في عهده الحديث، فمتى انبثقت شرارة العروبة في العراق؟
ثبت عندي بعد مطالعات كثيرة أن الأدب العراقي كان انطوى على نفسه في عهود الظلمات فلم يكن إلا مطارحات شعرية أو مراسلات نثرية لا تصور صراع العواطف ولا صيال العقول، بغض النظر عن الشجار الذي لم ينقطع بين المذاهب والآراء
فمتى خرج الأدباء العراقيون من صوامعهم ليحدثوا الجمهور عن المطامح السياسية والقومية؟
كان ذلك يوم صار العراق مبعوثون في استنبول، فهنالك وجدوا أخواناً ثائرين على (الدولة