وبالبسملة أبتدئ حين أقدم على موضوع تعترضه عقاب وصعاب
وموضوع اليوم هو تحديد المرحلة التي يبتدئ بها الأدب الحديث في العراق، فما هي بداية النهضة الأدبية الحديثة في تلك البلاد؟
كان العراق يحمل مشاعل الثقافة العربية إلى أن أجتاحه المغول في منتصف القرن السابع، فبعدئذ نهضت مصر بما كان ينهض به العراق، وقامت القاهرة بما كانت تقوم به بغداد، ورحبت المدائن المصرية بمئات من العائلات الراقية، ولعل هذا هو السر في التشابه الشديد بين المصريين والعراقيين في النطق ومخارج الحروف، وفي كثير من العادات والتقاليد، بحيث يمكن الحكم بأن المصريين والعراقيين لم يكونوا على بعد الدار إلا أخوة أشقاء نقلتهم الحوادث من بلد إلى بلاد
فكيف صارت العروبة في العراق بعد سقوط بغداد وبعد انتهاء ما تلا عهد المغول من خطوب؟
ظل العراق العربي محتلاً بالقوى الفارسية نحو ثلاثة قرون، وهو أمد يقدر بثلاثة أرقام، ولكنه أمد طويل جداً، وكان يكفي لمحو اللغة العربية لو صادف أمة لا تمت إلى العروبة بعرقٍ أصيل. ثم جاء عهد الترك فأيد عهد الفرس من حيث الاستهانة بمقام اللغة العربية، فماذا صنعت تلك اللغة لتحفظ حيويتها إلى أن يجيء يوم البعث، وهو يوم استقلال العراق؟
ظفرت اللغة العربية في العراق بأسلحة تضر من جانب وتنفع من جوانب، وتلك الأسلحة هي مصادر النزاع والشقاق بين المذاهب السنية والمذاهب الشيعية. فقد تناسى العراقيون بلواهم بالاحتلال الفارسي والاحتلال التركي، وظلوا يتجادلون ويتناقشون بلغة القرآن، وهي اللغة التي حملت إليهم بذور ذلك الخلاف (السعيد)
ومن المؤكد أن المناقشات بين السنة والشيعية فتقت الأذهان وألانت الألسنة في العراق. ومن المؤكد أيضاً أن المساجد هي صاحبة الفضل الأول في تأريث الخصومات العقلية، وهي خصومات عادت بالنفع الجزيل على الأدب والبيان، فمن كان يهمه أن يعرف كيف عاشت اللغة العربية في العراق برغم الاحتلال الفارسي والاحتلال التركي فليسأل أساطين المساجد في البصرة والحلة والموصل وبغداد والنجف وكربلاء
تناسى العراقيون بلواهم بالاحتلال الفارسي والاحتلال التركي وأقبلوا على الجدال في