فقد جعلت إذا ما حاجتي نزلت ... بباب دارك أدلوها بأقوام
٤٤ - (ص ٣٥٤) ومنهم (أي من الأجواد) يزيد بن حاتم. كتب إليه رجل من العلماء يستوصله، فبعث إليه ثلاثين ألف درهم. وكتب إليه: أما بعد فقد بعثت إليك بثلاثين ألفاً لا أكثرها امتناناَ، ولا أقللها تجبراً، ولا أستثيبك عليها ثناء، ولا أقطع لم بها رجاء. والسلام
قلت: فبعث إليه بثلاثين ألف درهم، كما جاء بعد ذلك، والتعدية بالباء هنا أسلم، ولقولهم بعثة وبعث به قصة طويلة أنقل بعض ما قيل فيها:
في اللسان: بعثه أرسله وحده، وبعث به أرسله مع غيره. . .
في دره الغواص في أوهام الخواص: ويقولون بعثت إليه بغلام وأرسلت إليه هدية، فيخطئون فيهما لأن العرب تقول فيما يتصرف بنفسه بعثته وأرسلته، كما قال تعالى:(لقد أرسلنا رسلنا)، وتقول فيما يحمل بعثت به وأرسلت به، كما قال سبحانه إخباراً عن بلقيس:(وإني مرسلة إليهم بهدية)
في شرح الدرة للخفاجي: قال ابن بري: بعثت يقتضي مبعوثاً متصرفاً كان أو لا، تقول: بعثت زيداً بغلام وبكتاب، فلهذا لزمته الباء، وكذا أرسلت يقتضي مرسلاً ومرسلاً به منصرفاً كان أو غير متصرف. . .
في المصباح: كل شئ ينبعث بنفسه، فإن الفعل يتعدى إليه بنفسه، وكل شئ لا ينبعث بنفسه كالكتاب والهدية، فإن الفعل يتعدى إليه بالباء فيقال بعثت به. وأوجز الفارابي فقال: بعثه أي أهبه، وبعث به: وجهه. . .
وروى خبر (العقد) في (الأمالي) وفيه (روح بن حاتم) مكان (يزيد بن حاتم) و (لا أقللها تكبراً) مكان (لا أقللها تجبراً) و (تمنناً) مكان (امتنانا)
ونقل البغدادي في (الخزانة) هذا الخبر من بن عبد ربه، أي من (العقد)، وفيها (لا أقللها تحقيراً)
وقد حوت خزانة كتب البغدادي نسخة من (العقد)؛ وقد تكون هي الصحيحة المضبوطة. فأين هذه النسخة وأين سائر كتب الرجل التي سماها في مقدمة مصنفه وهي - كما قال -:
(المواد التي اعتمدنا عليها، وانتقينا منها، وهي ضروب وأجناس)؛ وقد (اجتمع عنده بفضل الله من الأسفار، ما لم يجتمع عند أحد في هذه الإعصار)