وهي فوق ذلك تربية عسكرية تهمل شخصيات الأطفال إهمالا وتزعم أنها مستطيعة أن تشكل عقليات متغايرة تشكيلا واحدا. وهي مضطرة في سبيل هذا ان تخضعهم لنظام معين وتجبرهم بالقوة على التزام حركات خاصة والجلوس في غرف ضيقة مما ينفر الطفل من المدرسة والمدرسين، ومما يكبت فيه ميوله الطبيعية ومواهبه.
إن الطفل له شخصية قائمة، وليس يتاح لأي مدرس أن يفهمه على حدة فيعرف ما يلائمه وما لا يلائمه. والمدرسة الوحيدة التي يمكن ان ينال فيها الطفل تربية صحيحة هي البيت.
نعم هي منزله. حيث يجد الحنو والشفقة الأبوية. وهي مسكنه حيث تراعي ميوله وحيث يفهمونه فهما حقا. وبذا يرفع تولستوي من شأن التربية المنزلية ويجعلها في المكانة الأولى. وقد جره هذا، إلى البحث عما إذا كان البيت والعائلة الحالية يصلحان مكانا لتربية الأطفال.
وجوابه أن لا.
فنظام الزواج الحالي نظام عتيق فاسد، والعلاقات العائلية اليوم كبقية العلاقات لا تستند إلا على الرياء والعنف. فالمال يتحكم تحكما في العلاقات الزوجية. والرجل الغني هو كل شئ في الزواج الحديث. مهشما كان أو مريضا، ضعيفا أو منحطا. فهو يرحب به لانه ذو مال، ولأنه اقدر من غيره على الأنفاق. والفتاة الحديثة لا تكاد تفهم مهمتها التي خلقت من اجلها والزوجات يرون فالالتصاق بالبيت عارا أو تأخرا. بل يحسبن في الأطفال عبئا لا يتفق والسهرة ومحال الرقص. ولا ينسجم والرقة والأناقة. ومن هنا دعا تولستوي إلى هدم نظام الزواج هدما يتناول الأساس فالأم كما يرى تولستوي يجب ان تختار لابنتها زوجا قوي الجسم ممتلئ الصحة محبا للعمل ناسية مكانته الاجتماعيةغير ناظرة إلى جيبه انتفخ بالأوراق المالية إن لم ينتفخ.
والزوجة يجب ان تؤمن بأن عظمتها في المنزل، وفي إنشاء طفلها الذي قد يتحكم يوما في مصير العالم. وهي إذا كانت قد تلقت أرقى العلوم فلكي تحسن إدارة بيتها. وهي ان درست ووفقت في الدرس فلكي تجيد تربية طفلها. فالمرأة في يدها مستقبل هذا العالم.
ولكن أي أمرأة؟ ليست هي هذه المرأة المستهترة، ليست هي سيدة الصالونات. ولكن ربة البيت والأم الرحيمة تنشئ أطفالها على حب السلام وحب الآخرين. وتربي فيهم كراهية الشر ومقت العنف.