إن الآثار المدونة في الجرائد والمجلات والمطبوعات لا تمثل أعمال الأندية العراقية كل التمثيل، ففي تلك الأندية تدور مطارحات ومساجلات تفوق العد والإحصاء، وفيها تدرس أعمال الأدباء الذين يصل صرير أقلامهم إلى العراق. ولأدباء الرافدين موازين في النقد الأدبي لا تخلو من تحري الدقة والعدل، وهم يعرفون من أخبارنا الأدبية كل شيء، ولا تغيب عنهم مرامينا إلا في النادر من الأحيان، كأن يصدقوا أقوال المصريين بعضهم في بعض، وما دروا أن تهاجي الصحف المصرية باب من الرياضة على إجادة التعبير في مختلف الأغراض.
والظاهر أني مضطر إلى تذكير أدباء مصر بأنهم لا يكتبون لأنفسهم، وإنما يكتبون لأقطار كثيرة، وتلك الأقطار قد يغيب عنها غرام المصريين بالنكتة والمزاح، فما ترسله على سبيل الفكاهة قد يظن من الحقائق، ثم يؤول أسوأ التأويل.
أما بعد فهل يرى القراء أني دللتهم على مظاهر الحيوية الأدبية في أرجاء العراق؟
إنني أوجزت القول عن الأندية الأدبية لأدخر الفرص للحديث عن رجال الصحافة وقادة الفكر في تلك البلاد، فما أحوال الصحافة العراقية؟
سأرى ويرى معي القراء كيف تجول الأقلام وتصول في وطن دجلة والفرات، على شرط أن يرفع الحجاب بيني وبين زملائي هناك، فلا يقال إنني أخرج على آداب الصداقة والأخوة حين انتقل من الحمد إلى الملام. وهل أذكر أهل العراق بالسوء إلا مصانعة للكاشحين والحاقدين؟
كلانا مُظهِرٌ للناس بُغضاً ... وكلٌّ عند صاحبه مكينُ
تخبَرنا العيون بما أردنا ... وفي القلبين ثَم هوَى دفين