أن يقدم إليهم الشاي أو المرطبات، إن اجتمعوا في العصرية، فإن اجتمعوا في المساء كان من واجبه أن يتلطف بتقديم العشاء الخفيف. ولا يجتمعون في المساء إلا إن كانت دار الداعي في مكان بعيد.
وفي كل اجتماع يلقي أحد الأعضاء مسامرة علمية أو أدبية أو اجتماعية. ثم يدور النقاش بعد استئذان الرئيس، وقد يصل النقاش إلى درجات من العنف لا يخففها إلا ضحكات الدكتور الجمالي وفكاهات الأستاذ أبى إيناس.
وأعضاء هذا النادي في غاية من الحيوية، وهم يرسلون من يمثلهم في المؤتمرات التي يقيمها نادي القلم العالمي. وقد أصدر أخيرا مجموعة نفيسة ضمنوها طوائف من المحاضرات التي ألقيت في اجتماعاتهم الدورية، وتقع هذه المجموعة في أكثر من ثلاثمائة صفحة بالقطع المتوسط، وبها رسوم لجميع من حوى هذا السفر أبحاثهم الجياد.
نجد في صدر المجموعة مقالاً علمياً عن المجريطي إمام فلاسفة الأندلس في الرياضيات والطبيعيات، وهو مقال مفصل دبجه الأستاذ محمد رضا الشبيبي. ولهذا الأستاذ الجليل بحث آخر في هذه المجموعة سماه (قصة فتح بغداد)، وهو يصور ما كان عليه المغول من القوة الحربية والسياسية يوم استطاعوا اجتياح العراق؛ ويمكن بسهولة أن نعد هذا البحث من فلسفة التاريخ.
وهنالك بحث شائق للأستاذ أحمد حامد الصراف عن (الغلاة) وهي الفرقة التي تعبد عليا وتراه خالق الكون وسر الوجود
ولنا ملاحظات على هذا البحث يضيق عنها هذا الحديث، وقد نرجع إليها بعد حين.
وفي هذه المجموعة خلاصة وافية لأعمال المؤتمر الرابع عشر لأندية القلم وقد عقد في بونيس إيرس بالأرجنتين (٥ - ١٥ أيلول سنة ١٩٣٦)، وهذه الخلاصة هي تقرير قدمه الأستاذ مجيد خدوري مندوب نادي القلم العراقي، وفي هذا التقرير إشارات إلى شؤون أدبية وفلسفية تستحق الالتفات.
ويهمني أن أوصي قراء الرسالة باقتناء هذا السفر النفيس، فهو عصارة جهود محمودة في خدمة العلوم والآداب، وهو يصور جوانب من النشاط العلمي والأدبي في بغداد.