الفلاح؛ وكلما صح ذوقها، ورق ودق، يسمو مثلها الأعلى في الفن. فعلى محبي الغناء والموسيقى والتلحين، المشتغلين بالفن من شبابنا المعلم، أن يتعلموا ولو مبادئ ما في الغرب منه، وأن يكثروا من الإصغاء إلى تحف الموسيقى والغناء لأعاظم المغنين والموسيقيين الغربيين أينما وجدوا إلى ذلك سبيلاً؛ هذا إلى قراء شيء من تاريخ الموسيقى وكلام نقادها في إحدى اللغات الأجنبية، وقراءة بعض المؤلفات العربية.
لكن ذلك وحده لا يسعف وليس يكفي الآن، بل العمل المنظم في هذا الزمن المستنير هو السبيل القصد إلى الغاية، وفي مصر معاهد أهلية وحكومية للموسيقى يجب عليها أن تلتفت إلى حقيقة حال هذه الفنون عندنا، والى ما يصلح من شأنها، فذلك خير لها من أن تظل على الأيام صوراً جوفاء خاوية لا تصلح إلا لتمكين الفن السقيم الضعيف والمحافظة عليه، ويجعل بالوزارة المختصة أن تعنى بهذا الأمر.
يجب أن يحمل أرقى هذه المعاهد وأقدرها أعباء النهوض بفنونها، وإن ينشئ لذلك قسماً مخصوصاً يهتم بها من الجهة الفنية النظرية، والعلمية الثقافية؛ وأن يقوم بشؤون القسم نخبة من أصحاب الفن المولعين به لا يعينهم لوظائفهم فيه سوى مؤهلاتهم الطبيعية والفنية والثقافية وقدرتهم على ما يندبون له نخبة ممن يطمحون إلى المنزلة الرفيعة والفضل في إحياء فنونهم وإنهاضها في الشرق يرأسهم أحقهم بهذه الرئاسة، ويجب أن يقتنى القسم مكتبة ينظمها التنظيم العلمي الحديث، ويجمع فيها المطبوعات الغربية والمؤلفات الشرقية المطبوعة والخطية؛ ويبحث في كل مكان عن النصوص الشرقية الدفينة والضائعة ولو مترجمة إلى بعض اللغات الأجنبية كاللاتينية واليونانية والفارسية، إذ قد يجد فيها ما يلقى ضوءاً على فنون المتقدمين فينير المنهج للمتأخرين؛ ويشترك في المجلات الفنية، ويسترشد عند الحاجة بعض المعاهد الغربية المختصة بهداية السائل إلى جميع الكتب أو الطبعات أو النصوص في أي موضوع يعينه. ويجعل القسم بعض رجاله صلة بين جهده النظري وجهد معهده في إنتاجه العملي. ويجب أن يقوم المعهد بنوع من الإرشاد والرقابة على سائر المعاهد، وبإرسال البعثات المختارة من الناجحين في الفنون الشرقية إلى المعاهد الغربية.
ولابد، أخيرا، من التنبيه إلى آفة الغلو في بذل الثناء لكل من هب ودب من المغنين