توشِّحُها مائجات الغيومِ ... وأطياف أجْنُحِهَا الضافيهْ
رقيتُ أعاليَها مُفْرَداً ... ورُوحيَ سَبَّاقة حاديهْ
وخَلَّفْتُ جسمي في الهامدات ... تُطيف به الصورُ الفانيهْ
وأطلتُ من فرجات الضباب ... على عالم الرمّم الباليهْ
تجردتُ من صفة الهالكين ... وَمُتعتُ بالصفة الباقيهْ
وقد غبتُ عني كأنْ لم أَكُن ... سوى نفحة سمحةٍ عاليهْ
وأنسيتُ أني ابنُ هذا التَّرابِ ... وَضجعته الُمَّرة الطاغيهْ
بكاءً على أملٍ لامعٍ ... تَطايَرَ في الفنية الصَّاحيهْ
وغلغل في عالم غامضٍ ... أمانيه ساخرةٌ هاذيهْ
هَلمي افتحي كوَّةً للضِّياءِ ... لننسى بها الكوَّةَ الدَّاجيهْ
فليس لنا أملٌ في الرَّبيع ... وَنفحته العذبة السَّاريهْ
وما العُمْرُ غيرُ ربيع الشبابِ ... ربيع الهوى والرُّؤى الوافيهْ
تجوسُ به الذكريات العذابُ ... وَيغمُرُهُ الحبُّ والعافيهْ
إذا طاحَت مسالي الوُجودِ ... وغابت مفاتنه الحاليهْ
وَصار إلى عالم موُحشٍ ... كصحراء خاليةٍ خاويهْ
أسيتُ لِعمرٍ تولى سناهُ ... كايماضة الشعلةِ الوانيهْ
فيا لك من عمرٍ ضائعٍ ... كما تُنثرُ الباقةُ الذاويهْ
هوى النجمُ من شرفات الحياة ... فأمست على إثرْه هاويهْ
. . . أفاتَك أني جمُّ الجروح ... أعيشُ على يَدِكِ الآسيهْ
فوليتِ عني وخلفتني ... احنُّ إلى الساعة القاضيهْ
. . . أموت وقيثارتي ما تزال ... تنوح على مهجتي الصاديهْ
أنور العطار