الرفاعي الذي كان معروفاً بصلته بالبلاط الخديوي. ولم تقبل الحكومة أحداً ممن رشحتهم المعية السنية، ورشحت المعية أخيرا الشيخ علي الببلاوي، فوافقت الحكومة عليه، وصدر قرار بتعيينه شيخاً للأزهر.
وكان الوفاق تاماً بين الشيخ محمد عبده والشيخ الببلاوي، فعاد الهدوء إلى الأزهر، واقبل الطلاب على دروسهم وامتحاناتهم، وانصرف مجلس الإدارة إلى الاشتغال بإنجاز الأعمال العديدة التي كانت أهملت في عهد الشيخ سليم البشري: فقرر المجلس عقد امتحان لشهادة العالمية التي تمنح الحاصلين عليها حق التدريس في الأزهر أو القضاء أو الإفتاء. . .
وراجت في تلك الفترة إشاعة مؤداها أن حديثاً دار بين الخديو عباس وبين (الشيخ الببلاوي) على موضوع الإصلاحات الأزهرية التي أنجزها (الشيخ محمد عبده). وذكروا أن الخديو قال ضمن حديثه للشيخ الببلاوي:(سمعت أنك تعمل في الأزهر كل ما يريد المفتي (الشيخ محمد عبده)، مع أنك حر في أن تعمل برأيك. . .). وذكروا أيضاً أن الشيخ الببلاوي أجاب الخديو:(إني أوافق المفتي كلما رأيت أن الحق معه، ولو اخطأ لقلت له، ولكن لم تعرض بعد فرصة لذلك، فالحمد لله على تلك الحال)
وتالف في الأزهر خلال تلك الفترة حزب لمعارضة الإصلاح؛ وكان على رأس ذلك الحزب (الشيخ محمد الرفاعي) الذي ذكر اسمه بين مرشحي (المعية السنية) لمنصب مشيخة الأزهر. وكان من أعضاء الحزب (الشيخ المنصوري) الذي كان قد عينه (الشيخ البشري) شيخاً لرواق الصعايدة. وشرع الحزب يقدم عرائض ينتقد فيها أعمال مجلس إدارة الأزهر. وفي ذلك الحين كان بعض المسلمين قد طلبوا إلى الشيخ محمد عبده - وكان مفتياً للديار المصرية - أن يدلي بفتوى في جواز أكل المسلم من ذبائح أهل الكتاب، وفي جواز لبس (البرنيطة) والتزيي بزي الأوربيين. وأفتى الشيخ محمد عبده مصرحاً بأن القرآن لم يحرم طعام غير المسلمين ولا لباسهم، لاسيما إذا كان المسلم مضطراً إلى أن يعيش مع الأوربيين. فضج حزب المعارضة وأرجف في تلك الفتوى، واخذ يطعن عليها وعلى شخص المفتي. وكان له مأجورون أخذوا يذيعون أن المفتي إنما يعمل على التقريب بين المسلمين وغير المسلمين. وأسس حزب المعارضة جريدة يومية اسمها (الظاهر)، كان غرضها محاربة الفتوى. وقيل حينئذ أن مدير تلك الجريدة كان مؤيدا من الخديو. . .