الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها)
واقرءوا قوله تعالى في الحث على الأخذ بالنصيبين:
(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض)
(فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون)
جاء القرآن لهذا الغرض: مهمته أن يبلغ العقل البشري رشده، وإن ينتفع الناس بالصالح من المادة والمفيد من الروح
وقد اتخذ هذا الاعتدال نهجاً له في إصلاح العقائد وتهذيب الأخلاق وترسيخ قواعد التنظيم الاجتماعي، وصرح في كثير من آياته بأنه يعمل على إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى الطريق الأقوم، وينذرهم سوء العاقبة، ويبشرهم بالحياة الطيبة إذا هم تمسكوا بمبادئه وعملوا بإرشاداته، وحرصوا على تنفيذ أحكامه
واقتضت حكمة العليم الخبير أن يكون بعضه مفصلاً وبعضه مجملاً: يفصل ما لا تختلف فيه أغراض الإصلاح، ولا تتغير فيه وجوهه بتغير الأزمان والأمكنة، وذلك ما يرجع إلى العقائد والأخلاق ورسوم العبادات، ويجمل ما تختلف أحكامه بحسب ما تقتضيه أحوال الزمن وتطورات الحياة واختلاف الأمكنة، تاركا للعلماء تطبيق ذلك على الحوادث والواقعات الجزئية التي يجود بها الزمن
وذلك كله عملاً على سعادة البشر، وإطلاقاً لسراح العقل، وحثاً لأهل البصيرة على التمتع بلذات النظر والتنافس في مجال الاجتهاد
عالج القرآن بذلك العلل النفسية والأمراض الخلقية، وحل المشاكل الاجتماعية، ورسم طريق الحياة الطيبة الصالحة فكان كما وصف نفسه: