والبرهانات القاطعة التي تنتصر على ترددهم. وهم فوق ذلك وفي كثير من الأحايين يريدون ان تقر ضحاياهم أعمالهم وتوافق عليها. وكذلك نجد (رودريج) في قصة السيد يريد أن يجعل صاحبته (شيمين) تؤمن بأن قتل أبيها الكونت (دي جورماس) كان واجبا عليه. ونجد في قصة هوارس انه أراد أن يجعل (كورياس) يؤمن بان من واجبه قتله. وكذلك في (سنا) تحاول (راميلي) صاحبه (سنا) أن تجعل الإمبراطور (أغسطوس) يعتقد ان واجبها يأمرها بتدبير مؤامرة لاغتياله.
قلنا إن كورني كان عييا في حضرة الناس، ولكنه كان خطيبا بلسان أبطاله وفي كل قصة نجد ان الحوادث هي نتائج قرارات الأبطال ومشيئتهم. ففي هوارس وسنا مثلا لا يحدث حدث إلا برغبة أبطال القصة، فالإمبراطور أغسطوس بعد أن عرف إن صديقه سنا يأتمر به ليقتله كان في مقدوره إذا أراد، أن يعاقبه بدلا من الصفح عنه، فالإرادة في مسرح كورني هي نابض الحركة الوحيد، لانه كان يعتقد إننا في الحياة سادة حظوظنا. وهذا ما يجعل لهذا المسرح قيمة خلقية فريدة، وان جعل الفعل الدرامي معلقا على مشيئة الابطال، لهو في الحقيقة تخفيض لنصيب الظروف أي تبرئتها مما نتهمها به. وليس هذا حقيقة خالصة، ولكن كورني أراد بذلك أن يرغب الناس عن التواكل والاستسلام ويربي فيهم الاعتماد على الإرادة ولكي نحكم حكما صحيحا على كورني، يجب ان نضع نصب أعيننا دائما انه المؤسس الحقيقي للتراجيدي الفرنسية. كثير غيره جاءوا بعده، متزودين بدروسه ومنهاجه، فماثلوه أو بذوه، ولكنه بقى أستاذ هذا النوع. انه هو الذي ابتكر استعطافا جديدا يقوم لا على الفزع والشفقة، ولكن على الإعجاب، الإعجاب بالمواقف، والإعجاب بالخلق، والإعجاب ببطولة الواجب وروعة التضحية. وهو الذي حدد شكل التراجيدي الفرنسية وجعلها (قضية أخلاقية توضع بواسطة العرض، ثم تحصل المناقشة فيها بواسطة انقلابات الحال ثم تحل في الختام) وعبقريته هي التي جعلت الترجيدي تحليلا نفسيا لشهوة من الشهوات تتدرج في طريقها حتى تصل إلى العنف والحدة ثم إلى النتائج الأخيرة.
اثر كريني في التراجيديا والادب
كانت الترجيديا قبل كورني محاورات طويلة. وكان واضعوها يصورون الوالد والولد والزوج في ظروف شخصية خاصة محدودة. ولكن كورني صورهم بطريقة عامة أي