البسيط العميق. واختار للثانية شخصية (الزوج المقامر)، الهاجر للبيت والزوجة حين يستيقظ ضميره؛ وقد استوحى فيها قصة (مفلسة نيم) للكاتب الفرنسي (أندريه ديماس)، وبالفعل جاء أفقها أوسع من آفاق القصص الأخرى.
وفي القصص الباقية محاولات تنبئ عن تبلور وشيك، وتركز مرقوب
أسبوعان مع علي ماهر في السودان
مؤلف هذا الكتاب الأستاذ (محمد حسنين مخلوف) شاب اشتغل بالصحافة حيناً من الزمن فانطبع تفكيره بالطابع الصحفي. وفي كتابه يبدو هذا الطابع واضحاً: العناية بالأخبار والدراسة السريعة المختصرة المفيدة للحوادث والمظاهر، والسرد الممتع الجذاب. . .
وتبدو في هذا الكتاب (روح الدعاية)، ولكن هذا لا يؤثر في شخصية الكتاب، ولا يحجب ما فيه من لذة موضوعية وفائدة محققة، فلست أنكر أن السودان كان قبل قراءتي لهذا الكتاب شيئاً غامضاً مجرداً من التعاطف الحي بينه وبين نفسي. كان فكرة سياسية في خاطري كل ما يجمعني به هو أنه شطر وادي النيل الذي يحتم علي الإخلاص الوطني والكبرياء القومي أن أستمسك به، وأدعو للاستمساك به. . .
ولكن السودان قد استحال في نفسي بعد قراءة هذا الكتاب كائناً حياً يعاطفني وأعاطفه، وقد شعرت بحقيقة الأواصر الدموية والعاطفية والعقلية والاقتصادية والسياسية التي تربط شطري الوادي، وتعيد وقائع التاريخ الجامدة قصة حياة نابضة
وكل مصري في حاجة إلى الاطلاع على هذا الكتاب؛ وإن وزارة المعارف لتحسن صنعاً لو جعلته في متناول أيدي مدرسيها وطلابها، إذا شاءت أن يحس الجميع إحساساً حياً قوياً بحقيقة العلاقة بين مصر والسودان، وشاءت أن تمد القومية المصرية بجرعات منبهة، وإن تحيل مصر والسودان فكرة واضحة في هن الناشئة. وهذا ما يجب أن يكون.