للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوته من السماع والقياس، فما رأي الناقد الجليل إذا رجوته أن يتسامح في جمع فخور على فخورين وجمع غيور على غيورين؟ وما رأيه إذا صارحته بأن التصحيح في أمثال هاتين الكلمتين أقوى في الإبانة من التكسير؟ وهل تكون كلمة غُير في مثل قوة كلمة غيورين؟ في التكسير نفسه شواهد تؤيد القول بحرص العرب على زيادة المبنى: فأسد يجمع على أسد يجمع على أُسْد وأُسود، فهل تجري أُسد على ألسنة الناس بقدر ما تجري أسود؟

يضاف إلى هذا أن البلاغة قد توجب الخروج على القياس في بعض الأحيان، وهل كان القياس في أغلب مناحيه إلا ضرباً من الشذوذ؟ وإلا فبأي حق يكون (فَعِيل) بصورة واحدة في التذكير والتأنيث إذا كان بمعنى مفعول؟ وما الذي يمنع من الاستئناس بقول صاحب اللسان (امرأة دفينة) وقد جرى كلامه على الأصل في التفرقة بين المذكر والمؤنث؟ والقِدْر بدون تاء في كلام الشعراء، وهي قِدرة على ألسنة العوام في مصر، فأي اللفظتين أفصح؟ الأفصح هو قِدرة، لأن التاء تؤكد التأنيث، ولو كره العوامري والنشاشيبي

وخلاصة القول أني أدعو إلى التخفف من أثقال التصريف حين تطغى العلة الصرفية على المعنى اللغوي، ولو كانت مراعاة التصريف نافعة في جميع الأحايين لراعاه العوام وهم أصدق إحساساً بمدلولات الكلمات، لأن محصولهم اللغوي يتكون من ألفاظ تنبض بالحياة في كل وقت، فالعوام يقولون: إوعَ، والصرفيون يقولون: عِ. وهل تكون عِ أفصح من إوعَ إلا في نظر من يستخفون بحكم العقل؟ والعوام يقولون في أغانيهم: إوْفِ بوعدك، والصرفيون يقولون: ف بوعدك. فأي الكلمتين أفصح؟

وخادم يذكر ويؤنث، ولكن عوام مصر لا يقولون إلا خادمة في التأنيث، فمن ينكر أنهم على صواب؟ وأنا أسمي الزوجة زوجة في جميع ما أكتب، ولا أرى رجلاً يقول: (سأستشير زوجي) إلا عرفت أنها عليه من القوامين

٣ - يتوهم كثير من الشبان أن لي مكتباً في دار الرسالة وأني أشارك الأستاذ الزيات في فحص ما يرد على الرسالة من أقوال الكتاب والشعراء، ومن أجل هذا يوجهون إلي العتب عما يتأخر نشره من آثارهم الجياد!

وكنت أرجو أن يصح هذا التوهم الجميل، لأشارك الزيات في توجيه الجيل الجديد، ولأنشر كلمة الأستاذ محمد كامل سليم بك، فما هي كلمة هذا الأستاذ الجليل؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>