للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ضيقة

يصح أن نسمي عصرنا الحاضر (عصر القبيلة الأممي) والإنسانية كلها الآن تمر به كما مرت كل أمة بعصر القبيلة. واشتداد التناحر بين مجموعات الأمم المختلفة في هذا العصر هو صورة مما كان يحدث بين القبائل في الأمة الواحدة

ولم يحمل القبائل المتعادية في القديم على الصلح الدائم والاندماج والوحدة الشعبية إلا عنف ما كان بينها من حروب وتخريب وتعطيل للحياة. فلما رأت أنه لا حياة مع الحرية الكاملة والوحشية المطلقة تنازلت كل قبيلة عن بعض حقوقها وحرياتها ورضوا ذلك إما بضغط الأقوى وإما بالإدراك الصحيح للموقف ومراعاة مقتضيات الحياة

وكذلك كان الأمر في تكوين الإمبراطوريات المختلفة: حروب ونزاع مستمر وتخريب للممالك والمملوك ثم اتفاق أخير ونزول من الجانبين عن بعض المصالح في سبيل المصلحة التي لا غنى عنها للجميع

وكذلك تكونت الولايات المتحدة الأمريكية من جنسيات ومذاهب مختلفة بعد حروب ونزاع دمر حياتهم في بعض مراحل تاريخهم. . .

وكذلك وجدت البذرة التي لابد أن تنمو بعد هذه الحرب: وهي بذرة (عصبة الأمم) التي سيحافظ الغالب والمغلوب في هذه الحرب على إيجادها وجوداً فعالاً مسلحاً، لا وجوداً صورياً كالذي كان عقب الحرب الماضية

وعندي يقين ثابت أن الأقدار تفصل الآن بالحديد والنار جسم الإنسانية الواحدة ذات الحكومة الواحدة كما فصلت جسم كل إمبراطورية على حدة كما فصلت جسم كل أمة على حدة كما فصلت جسم كل قبيلة على حدة كما فصلت جسم كل أسرة على حدة كما فصلت كل جسم على حدة كما فصلت كل عضو على حدة كما فصلت كل خلية على حدة. . .!

هو قانون واحد يلف الكون كله! قانون الجزيء والذرة هو قانون المجاميع. . . واللقاح السياسي واللغوي والعلمي والاقتصادي في المجموعات الكبرى والإمبراطوريات واتحاد الولايات، هو الوسيلة إلى ذلك الأمل المنشود

ولا يتوهمن واهم أنني أزعم أن الخلاف سيذهب من الأرض كلا. . . وإنما سيبقى كما هو في حدود الدولة بين الأحزاب والآراء والمذاهب الاجتماعية. . . وكما يبقى بين الأسرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>