اتجه الكيمياويون إلى احتساب هذه النسبة الخطيرة، وهي النسبة التي يتكون بها الماء الذي تشربه واشربه، وفي كل عقد وفي كل عام يخرج الباحثون بنسب متقاربة كل التقارب، إلا أن بينها فروقا صغيرة لا تفتأ تظهر عند الحساب! خطأ في الميزان يا صديقي، وفرق لابد منه مادامت يد الإنسان العاجزة تقوم بهذه التقارير، وأجهزته الناقصة هي كل حيلته في الوصول إلى بغيته. حسنوا الأجهزة، ودققوا في صنع الموازين، واتخذوا كل حيطة إنسانية لمنع الخطأ أن يتسرب، ولكن هيهات ان تتفق الأرقام الناتجة.
حتى كان يوم قريب قدروا فيه هذه النسبة من جديد، فتبين لهم من الأسباب ما حملهم على الاعتقاد ان الخطأ ليس في التقدير، ولا عجز في الإنسان ولا في نقص أجهزته، ولكن في الفرض الأساسي الأول: إن ذرة الأيدروجين ثابتة الوزن، وان ذرة الأوكسجين ثابتة الوزن.
عرفت الكيمياء في السنوات الحديثة، إن العنصر الواحد قد تتشكل ذرته من تشكل واحد. فالزئبق والكلور والبروم والكربتون والزينون وكثير غيرها لكل منها شكلان فأكثر تتفارق في الوزن تفارقا صغيرا وتتقارب في الخواص تقاربا كبيرا. وإذن فلم لا يتشكل الأيدروجين أو الأوكسجين أو كلاهما مثل هذا التشكل؟ لم لا يكون للأيدروجين ذرتان، ذرة خفيفة وذرة ثقيلة، وإذن لم لا يكون للماء جزيئان، جزئ خفيف وآخر ثقيل، اعني لم لا يكون الماء مائين، ماء ثقيل يليق بالحلاقيم الغليظة للجنس الخشن من الرجال، وماء خفيف يتفق والجنس اللطيف من الآلي يدميهن الحرير ويؤذيهن النسيم.
العلم يتخيل فيخال، وإذا بالخيال حقيقة. وتلك الحقيقة أتثبتها الأستاذ لويس وذلك بأن أمر التيار الكهربائي في الماء يحلله على ما هو معروف إلى عنصريه، فأثبت إن الأيدروجين الخفيف هو الذي يصعد من الماء أولا، وانه عندما يتحلل اكثر الماء تتبقى منه بقية صغيرة هي الماء الثقيل الذي يحتوي الأيدروجين الأثقل. أعيدت هذه التجربة بصورة أكبر فنتج عنها ماء ثقيل أكثر تركزاً. وخالوا أن الذي يأتي به التحليل بالكهرباء يأتي به التقطير بالنار، فقطروا الماء فحصلوا على نفس النتيجة. كم من ألوف حللو الماء، وكم من ألوف قطروه في الأجيال المنصرمة، وفاتهم جميعا كنه ما يصنعون.
ومن الغريب أن هذا الماء الجديد سم. نعم سم برغم ان الماء اصل الحياة. وضعوا فيه