قالت: أني أجل أمير المؤمنين أن أغمزه بتلك الكنية، فلقد رعيت المال: كثيره وقليله، وديناره ودانقه، فكنت أباه! وأما سعيد، فقد حكمه المال وتولاه، حتى صار خادمه ومتبناه!
فتساير الغضب عن وجه المنصور وقال:
- أني أكبر عقلك!
قالت: وهل أكبرت عقل سعيد؟
فنظر إليها المنصور وسكت ثم قال:
- أراك برزة!!
قالت: ما رأى مني أحب الناس إلي إلا ما رآه الخليفة من وجهي ويدي، فما ضرني أن أكون برزة؟! إنما خلق الله المرأة رجلة ولم يخلقها جنة! وجعل اللسان حجة ولم يجعله عورة! وإن المرأة التي تخشى الرجال هي التي أخشى عليها الرجال. . .! أليس الله أحق أن تخشاه؟!
ولقد حجبت نفسي بالعفاف، فبلغت غاية الحجاب؟
- أظن سعيداً معجبا بعفافك؟
- يعجب بعفافي بعد أن يعجب بماله!
- هو سعيد بك
- لو وجد هواه مع غيري لكان أسعد!
- وأنت سعيدة؟
- أسمي (حبيبة)
- ليست الأسماء حقائق
- قد تكون الأسماء آمالاً، ألم يسم أمير المؤمنين قصره (الخلد)؟
فنظر إليها المنصور نظرة رائعة ثم قال:
- وكيف تزوجت إذن سعيداً؟!
- تعارفنا بالأسماء وتقاربنا بالأنساب، فتزوجنا، وقد كان قلبي على فطرته ينبض كما كان ينبض منذ ميلادي، وكان زوجي يرعاني كما يرعى إحدى قريباته، ويحبني كما تحبني