نفور، وما أحكم قول الله: (فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف، ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه!)
وأستأذن حبيب فأذن له، ودخل مع المال يحيي الخليفة، وابتسم لحبيبة ابتسامة ردتها بأحسن منها، ثم قالت: أن هذا المال لحبيب. إذ أهديته اليه، وقد كان مالي من قبل. إذ أهداه لي زوجي، فما أبعد زوجي عنه!
قال المنصور: إلا تفتديان به قلبيكما؟!
قال حبيب وحبيبة معا: نعم الحكم أمير المؤمنين!
ثم ابتسما في خجل من تطابق الصوتين على الجواب، فابتسم المنصور. . . وأخذت العيون تسارق النظر: فالمنصور يرخي طرفه ثم يلمح الحبيبين، وكل واحد منهما ينظر إلى صاحبه والخليفة نظرة مقسمة بينهما، كأنها نظرة الأحول، وما أروع نظرات الحول المستعار! وإذن المنصور لسعيد بالحضور فحضر يدير عينيه!
قال المنصور: أهذا مالك يا سعيد؟
فرنا سعيد فرحاً؛ ثم قال: هو يا أمير المؤمنين
قال المنصور: خذه كما أشرت، وقد طلقت امرأتك كما شرطت فرفع سعيد رأسه ينظر إليه، ويقول: ولكنني رأيت عندها حبا وإخلاصاً!
قال المنصور: لقد أدت واجب الزواج فظننته حباً، ورعت أمانة العفاف فحسبته إخلاصاً، وما ربط قلبيكما حب، ولا جمع كبديكما ولد. . . على أنني قد تخيرت لك امرأة على هواك أسمها (سعدى) يا سعيد!
قال سعيد: الخيرة ما أختار أمير المؤمنين، وأنا درج يديه
وألتفت المنصور فجأة إلى حبيبة وحبيب؛ فإذا هي قد سدلت جفنها، وحدرت من تحتها إلى حبيب نظرة قد رويت من قلبها، بحبها! وإذا هو معقود النظر بها، كأنما نفثت فيه من سحرها!. . .
فهمس المنصور: خلقت هواك كما خلقت هوى لها!
ثم قال لهما: جمع الله بينكما بشرعه
ثم إذن لهم جميعاً، فخرجوا راضين، وهو يقول: