عصر ديونيزيوس الهاليكرناسي (٣١ ق. م). الذي ذهب إلى روما وألف كتاباً في عشرين جزءاً لم يبق منها إلا نصفها تقريباً عن أركيولوجية روما تناول فيه حياة الشعب وطرق معيشته وعاداته وفنونه، وعصر يوسيفوس اليهودي المولود في أورشليم عام ٣٧ بعد الميلاد الذي ألف كتاب الأركيولوجيا اليهودية في عشرين جزءاً ذكر فيها كل ما يتعلق ببني جنسه وأحوالهم وعاداتهم وفنونهم من أقدم العصور إلى آخر أيام نيرون
وقصد بالأركيولوجيا في عصر إحياء العلوم والأدب والفنون:
(ا) تفسير المخلفات الأثرية القديمة وتقدير الدرجة الفنية التي بلغتها ليدرك الناس ماهية الآثار والفنون، كما كان الحال عند (الإنسانيين) عندما تناولوا التراث الأدبي القديم لتحويله إلى دراسات عامة بعد أن كان من شأن الخاصة.
(ب) وتأريخ المخلفات التي يرجع عهدها إلى المرحلة الزمنية المحصورة بين عامي ١٥٠٠ و١٧٥٠ من مبان وتماثيل ونقوش
واتخذت الأركيولوجيا اتجاهاً جديداً بعد ظهور كتاب أوتفريد مولر (١٧١٧ - ١٧٦٨) عن أركيولوجية الفن. وكتب غيره من العلماء والأدباء والباحثين في الفنون في بلاد الإغريق وآسيا الصغرى والشرق، وبذا تم تأسيس معهد الدراسات الأركيولوجية في برلين سنة ١٨٢٨، فاستقلت الأركيولوجيا علماً قائماً بذاته بفضل فنكلمان
وفي فجر القرن الثامن عشر عنى بنجهام الإنجليزي بوضع كتاب (أركيولوجية الكنائس في عشرة أجزاء، طبع لندن سنة ١٧١٠ - ١٧٢٢، كما عني أوجستي الألماني بوضع كتاب آخر في أثني عشر جزءاً، طبع ليبتسج في نفس الفترة الزمنية
وظاهر مما تقدم أن الأركيولوجيا تطورت تخصيصاً؛ فأصبحت لا تعني بالمخلفات كلها، أو حياة الشعوب وطرق معيشتها، ولم تعد المرجع الوحيد في درس الحضارات البائدة، إذ لا بد من الاستعانة بعلوم أخرى لإكمال هذا الدرس، كعلم تطور القشرة الأرضية وعلم الجماجم والعظام البشرية وعلم الأجناس وسلالاتها وعلم المسكوكات والدراهم
٢ - أما قصر تاريخ الفن على دراسة التحف التي صنعها الإنسان (مراعياً إلى حد ما شيئاً من مبادئ الجمال)؛ فقد يبدو براقاً وإن يكن غير صحيح؛ والصحيح أن درس كل إنتاج فني من اختصاص تاريخ الفن بغير حساب للجمال، لأن مجرد نسبة هذا الإنتاج للجمال،