للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الثمار. والغد كفيل بالجني والقطاف!. . .

وما كنت أملك إلا توغل نفسي هكذا في الرجاء، وألا تتطلع إلى الأجواز والآفاق، وأنغام (شتروس) تتخلل دمي فترقرقه مزاجاً صافياً، وتلمس روحي فتطلقها ترفرف في السماء، وتخلصني من ثقلة الأرض ووكسة الغريزة، فأتطلع إلى هناك. . . إلى حيث الإنسان المرموق في آمال الوجود

وتشاء المصادفات الساخرة العجيبة أن أخرج من هذا العالم الوضئ الإشراق، فيطرق سمعي - على غير إرادة - صوت المذياع وينقل إلىَّ بعض الحشرجات البائسة التي يسمونها في مصر أغنيات جديدة!

يا للشيطان! بل أظلم الشيطان، فما تستطيع طبيعته أن تهبط إلى هذه المناقع والقيعان وأن تدبر لي تلك المفاجأة في هذا الأوان!

رباه!

أيمكن أن يكون واضعو هذه الهنبشات والحشرجات ومستمعوها من أبناء آدم الذي نعرفه، وأن يكون (شتروس) ومستمعوه من أبنائه كذلك في آن؟

محال. فما تلك إلا دويبات وجنادب وهوام، وأشياء أخرى مما يرتكس في المناقع والقيعان. وإلا فما كانوا يطيقون مجرد الصبر على هذا الغُثاء؛ وفي متناولهم تلك الموائد الربانية الشهية وذلك الغذاء السماوي المريء!

(حلوان)

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>