المادة، ونحن إذ نلمس المادة إنما نلمس الأثير، لأنه يملأ كل فراغ، وكل المسافات بين أجزاء المادة، إذن فالأثير هو شئ في كل شئ: أوليست السيارات والشموس والنجوم نقاطاً في بحار الأثير
وبعد كل هذا أرى أن للكهارب صلة بالأثير، وهذه الصلة أما مباشرة أو غير مباشرة، وهذا الاتصال لا ندركه لأننا نجهل خواص الأثير وفعله، ولكن نعلم أنه الرابط بين دقائق وأجزاء المادة. ومن صفات الأثير أنه لا يرى ولا يلمس ولا يسمع ولا يشم ولا يتحول ولا ينحل، لا تؤثر فيه الحرارة ولا البرودة، شديد الصلابة كثير الليونة، تتحرك فيه المادة بدون مقاومة وبسهولة مطلقة. هذا كل ما يعرف وما يظهر من صفات الأثير
فإذا كانت حواسنا لا تدرك الأثير، ألا يمكن أن ندركه بالواسطة؟ ولكن ما هي الواسطة التي تمكننا من الإطلاع على أسرار الأثير المحتجبة وراءها أسرار الكون بما فيها سر الحياة الغامض؟! ويمكنني الإجابة عن هذا السؤال ببساطة: ربما كان الكهرب!
أقول ربما كان الكهرب أو ما يتفرع من الكهرب، لأن العلم لم يجزم بأن الكهرب هو نهاية الصغر في تركيب المادة، ولا يحق له أن ينفي وجود دقيقة أخرى أصغر من الكهرب لها تأثير ما على حركته في كيانه أو خارجاً عنه، لأن النفي أصعب من الإثبات، وسواء أكان هناك دقيقة أصغر منه أم لم يكن، فلا بد من وجود صلة بين الكهرب والأثير
فالكهرب سبب كل حركة في الكون، واستمرار حركته يرجع إلى الأثير؛ وهو الذي سيكون المعتمد في الكشف عن أسرار الأثير
الكهرب لا علاقة له بالوقت (أنا أقصد الوقت الذي نعرفه نحن سكان الكرة الأرضية)، لأن بإمكانه الانطلاق بسرعة النور تقريباً: - سرعة دوران الكهارب تختلف باختلاف الذرة المرافقة لها، فذرة الإيدروجين مثلاً أصغر وأخف من جميع ذرات العناصر الاثنين والتسعين المعروفة، وسرعة الكهرب الذي يدور حول نواة الإيدروجين تبلغ ٢١٠٠ كيلو متر في الثانية، بينما سرعة الكهرب الذي يدور حول نواة ذرة الأيرانيوم تبلغ ١٩٠ ألف كيلو متر في الثانية. ومهما كانت ظروف الكهارب مناسبة فقد لا تتجاوز سرعتها أل ٢٠٠ ألف كيلو متر في الثانية أي ما يعادل ثلثي سرعة النور
وحسب النظرية النسبية العامة (لإينشتين) - التي أعتقد بصحتها - فأن كل جسم يسير