للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد أصبحوا في صحراء جرداء مما دفعهم إلى محاولة الاستيلاء على مصر للحصول على خيراتها العظيمة كلما حانت الفرص، فليس بغريب بعد ذلك أن يصفهم أحد ملوك مصر وهو منفتاح (بأنهم يمضون أوقاتهم محاربين ليملئوا بطونهم كل يوم، وقد أتوا إلى مصر ليحصلوا على ما تحتاج إليه أفواههم) وكان الوجه البحري دائماً عرضة لهجوم الليبيين القاطنين غربية وأنه لكثرة هجرة هؤلاء القوم إليه انصبغ الجزء الغربي منه بالصبغة الليبية التي بقيت ظاهرة فيه حتى زمن هيرودوت المؤرخ اليوناني. وتشير اقدم أخبار الوجه البحري إلى منازعات ومشاحنات مستمرة مع الليبيين. على أنه عندما تمكن الملك مينا من توحيد الوجهين وتثبيت عرشه وجه همه لتأمين البلاد من هجمات الليبيين فشن عليهم الغارات وأسر منهم حوالي مائة وعشرين ألف نسمة عدا مليون وأربعمائة وعشرين ألفاً من الأغنام، وأربعمائة ألف من البهائم كما جاء ذكره في الآثار المصرية. وكانت هذه الغارة بمثابة طرد عام لهم. على أن هذه الضربة القاسية التي حلت بهم لم تمنعهم من الإغارة على مصر بل كانوا ينتهزون فرصة حكم الملوك الضعاف للهجوم على الوادي وسلب ما يحتاجون إليه مما أقلق بال فراعنة مصر؛ ولهذا نراهم يتخذون سياسة حازمة نحو الليبيين ويقومون بالحملات عليهم تارة، وأحياناً يلجأون إلى سياسة سلمية لإيقاف هذه الغارات بأن يتزوجوا من الليبيات لعقد أواصر الألفة والسلام. ومن أنصار السياسة الأولى مينا كما تقدم، وسمورع أحد ملوك الأسرة الخامسة الذي ترك لنا نقشاً غائراً يمثل انتصاره على اللوبييون وفيه نرى جماعة المهزومين من قبيلتي (يافت) و (باش) ومعهم قطعانهم من البقر والماعز والحمير وهي تعد بالآلاف. أما أمنحعت الأول مؤسس الأسرة الثانية عشرة فقد أرسل نجله سيزوستريس الأول على رأس جيش ليعاقب الليبيين على أثر غارة شنوها على الدلتا فثأر منهم. وأهم عمل قام به أنصار هذه السياسة هو ما فعلته الملكة حتشبسوت حيث أجبرتهم على دفع الجزية. وأما الذين اتبعوا سياسة المصاهرة فهم قليلون وعلى رأسهم الملك خوفو العظيم باني الهرم الأكبر الذي تزوج من سيدة ليبية

وحدث حوالي القرن الثاني قبل الميلاد أن استوطن بعض الليبيين الواحتين اللتين هما جنوبي وغربي الفيوم، وتقدم بعضهم حتى بلغوا الشاطئ الغربي لفرع النيل الكانوبي المعروف وقتئذ بالنهر الكبير. ولما زاد عدد الليبيين بالدلتا تجاسروا وتطاولوا على فرعون

<<  <  ج:
ص:  >  >>