وردها الصافي. إني احبها وعلى رأسي تاج من الشرف يلمسه من جهلني ومن عرفني. أحبها في أحضان السمعة الطيبة والكرامة، ولا ينقصها وخزة ضمير ولا ندامة. فاللهم اهدني السبيل، واكفني شر القال والقيل. كيف أناضل للعيش وحيدة، وأنا بمعرفة أساليب الناس بعيدة؟ وا خيبتاه أن وقعت في الحبالة، ولم يبقى في مصباح عقلي زبالة. اللهم خذ بيدي فلست أريد إلا أن أخرج عن جمودي وأشعر بكياني ووجودي. هأنذى أفتح النافذة وأتلقى نظرات جاري متحفزة. قال: عمي مساء! قلت: عم مساء! قال: يظهر أننا في الوحدة سواء. لم تنفرين من المجتمع، أما من أقارب أو أصدقاء لك في هذا البلد؟ قلت وجدت الخير في صحبة الكتاب، بعد أن تقطعت بيني وبين صاحبي الأسباب. أما البنون فالحمد لله الذي رفع عني عبئهم، ولم يشأ أن أتحمل ذنبهم. قال يا لك من مسكينة! لا بد أن تكون حياتك موحشة قاسية، وماذا يملأ فراغك؟ ما ضرك لو نكون صديقين؟ فكانت إجابتي بسمة ساخرة، وكنت في تحويل دفة الحديث ماهرة. ثم أقفلت النافذة بغير تحية، وأنا أقول: خاب فألك! لن أكون مرة أخرى ضحية
دخلت على جارتي ودعتني للزيارة، فلم أشأ أن أعارض، وجلست إليها أستمع هراء في هراء، ولا أدري أن كان حديثاً أو مواء. لقد حاولت الإفصاح، وأخذت تستدرجني لأقص عليها واقعة حالي، وأنبئها بآلامي وآمالي. فقصت عليها أمري باختصار، فأضهرت لي أنها من خيرة الأنصار، وأخذت تلين ملمسها كالحية الرقطاء، على صورة لم يخف ما بها من دهاء. وبرغم تظاهرها بالبذخ واليسار شعرت باحتقارها. ثم خرجت من لدنها وبيني وبينها هوة سحيقة. لقد تجرعت الساعة التي قضيتها معها ككأس مرة المذاق، وقد عزمت وأكدت العزم ألا يكون بعدها تلاق
خرجت اليوم في الطريق، من غير ما صاحب ولا رفيق، فآخذتني النظرات السافلة، ورحت أتعثر بين السابلة. أخذت سمتي إلى ملهى من الملاهي، وأنا أقول أسألك العصمة يا ألهي. رأيت نساء يرقصن شبه عرايا، ونفوسهن تشف كالمرايا، ليس لهن هدف غير الرجال، وسلب ما يقدرن عليه من مال. أما الحب الذي يتظاهرن به فما هو إلا خداع وإغراء، قد جاز على عقول هؤلاء التعساء. كانوا يلتهموهن بأنظارهم التهاما، ويظهرون جوعاً وهياماً. والنساء يتدللن والرجال يتعللون، وكل بدوره يحيك الشباك، ويبحث عن