للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحريات كثيرة، وقد تؤدي إلى تضاؤل الإنسان في فكره وإحساسه وعمله، وهذا التضاؤل مصيره تأخر الإنسانية؛ كما أن فكرة من يقول بمذهب صيانة أعظم قدر من الحرية للفرد قد تؤدي إلى كثير من الاختلال في الأمور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإلى التخاذل والتفرق والتباغض، وقد تؤدي إلى أن يضر الفرد نفسه بإساءة استعمال حريته الكبيرة. وهذا أيضاً مصيره تأخر الإنسانية لو دام هذا الأمر ودامت عواقبه. وقد كانت الفكرة السائدة بعد تأسيس الديمقراطيات الحديثة فكرة صون قداسة حرية الفرد لأن المفكرين وجدوا أن تدخل الحكومات قبلها لم يكن رشيداً ولا منتجاً نتاجاً حسناً. لكن تاريخ الديمقراطيات الحديثة قد أثبتت أن الأخذ بمبدأ الفرد أخذاً عاماً أدى إلى فساد كثير، وقد اضطرت الحكومات إلى رفضه في أمور كثيرة حتى في العهد الذي بلغ فيه غايته؛ فقد رفضته الحكومة الإنجليزية في القرن التاسع عشر بالرغم من إنها تقدس مبدأ الفرد، رفضته عندما تدخلت لحماية الأولاد والنساء والرجال في المصانع، وقد أدى الغلو في الأخذ بمبدأ الفرد إلى ضياعه وإلى قلة الثقة بالديمقراطية في بعض الأمم الأوربية، وإلى سقوط تلك الديمقراطية فيها، وإلى اضطرار الدول التي لا تزال تعتنقه إلى التفكير في أن تحده بتنظيم أمور الجماعة تنظيما لا بد أن يحد حرية الفرد وحقوقه، ولا شك أن هذه الحاجة إلى التنظيم ستزاد بعد الحرب القائمة الآن. فهذه المسألة التي أثارها الأستاذ لا تحل إلا بمحاولة التوفيق بين المذهبين وتجنب ما في كل منهما من أضرار لا شك فيها؛ والبحث في كل أمر يراد به إنقاص حرية الفرد وحقوقه وفحص نتائجه وألا يكون تدخل الحكومة في أمثال هذه الأمور نتيجة العاطفة وحدها أو الحيرة من وجود فساد لا تدري علاجه فتعالجه بالعاطفة أو القهر أو الوسائل التي لا تؤدي إلى إزالته وإن خيلت أنها تؤدي

رشيد العسقلاني

أصل الفقر

كتب الدكتور زكي مبارك في (المصور) وفي (الرسالة) كلاماً كثيراً عن الفقر والفقراء، خلاصته أن الفقر ظاهرة فردية ترجع إلى انحطاط أخلاق الفرد. فليسمح لي الدكتور الفاضل أن أقول له في صراحة نافعة له جداً، إنه لو كان قد درس شيئاً من الاجتماعيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>