للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصرع الفاجع للوزير الذي ضاق الواقع عن قلبه الكبير، أما شهريار فقد ذهب في سفر بعيد مجهول.

ولئن كان المؤلف قد نحا نحو الرمزيين في قصته، إلا انه لم يصنع منها لغزا مغلقا ولا شبه مغلق، ولا هان عليه أن يترك رموزها على قرب منالها وقلة تعويضها - للقراء، وبخاصة الذين ألفوا نحوها في التأليف الغربية ليستنبطوا استنباطا، بل اثر ان ينص على تفسيرها نصا في ظهر سطوره أثناء الحوار، فلا يدع لأحد دون فهمها على وجهها حجة.

وقد اصطنع صاحبنا ما يصطنعه أهل مذهبه من أساليب العرض والكتابة. فشخوصه معروفة النظائر في الواقع، ولكنها تبدو لعياننا من مادة اشف من مادتنا، وتروح وتجئ في جو أخف مما نعيش فيه. فكأنما هي من عالم الأحلام نحسها بالحس الباطن، وكأنها لا تتحرك بمحرك فيها من إرادتها بل تحركها قوة مستعلية عليها خارجة عنها، فهي مسوقة من حيث لا تدري إلى حيث لا تدري ولا طاقة لها على التوقف والمغالبة. ثم هنالك السحر والكهانة، والفلتات المنبئة، وأحاسيس النفس السابقة المؤذنة بوقائع غامضة لاحقة. وهذه جميعا مفرغة في سياق شعري يتمشى فيه النغم، وتنتظم الموسيقى نسقه من مبدئه إلى منتهاه، ويعتمد على الإشارة المقتضبة والتلبيس ويتجنب البسط والتقرير، وتتكرر فيه العبارة الواحدة مرات وتكثر فيه الكلماة البارعة والكنايات المحجبة.

شهرزاد: أترى شيئا في ماء هذا الحوض. أليست عيناي أيضاً في صفاء هذا الماء؟ أتقرأ فيهما سرا من الأسرار؟

شهريار: تبا للصفاء وكل شئ صاف. . .! لشد ما يخيفني هذا الماء الصافي. .! ويل لمن يغرق في ماء صاف. . .!

شهرزاد: ويل لك يا شهريار

شهريار: الصفاء. . .! الصفاء قناعها

شهرزاد: قناع من؟

شهريار: قناعها هي، هي، هي. . .

شهرزاد: إني أخشى عليك يا شهريار.

شهريار: قناعها منسوج من هذا الصفاء. السماء صافية، الأعين صافية، الماء الصافي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>