للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى. فثمت طريق قفر والليل حالك، وإلى ناحية منزل منفرد على بابه مصباح مضيء. وفي هذا الموقف يقفك المؤلف على سحر الساحر، وضعف الجسد، وسطوة الشهوة باللمسات الأولى من ريشته:

الساحر (يقود جارية إلى المنزل): ماذا يقول لك هذا الغريب الأسود؟

الجارية: يسألني عن سر فرح المدينة، فأجبته هو عيد تقيمه العذارى للملكة شهرزاد.

الساحر: وما لفرائصك ترتعد؟

الجارية (همسا): لست ادري!

الساحر: ألم أحذرك أن تقربي هذا العبد الهرم، فأن في عينيه نظرات الفجرة؟

الجارية (همسا): ليس هرماً

الساحر: بم تهمسين كمن به مس؟ هاتي يدك ولندخل. لعلك ارتعت من فبح هذا الرجل؟

الجارية (همسا): ليس قبيحا

(يدخلان المنزل. يظهر العبد يتبع نظراته الجارية. . .)

العبد: ما اجمل هذه العذراء! وما اصلح جسدها مأوى!

صوت (من خلفه): مأوى؟ أللشيطان؟ أم للسيف؟

العبد (يلتفت): أهذا أنت؟

الجلاد (يظهر): عرفتني

ثم لا يطول بك الانتظار في هذا الموقف بمسمع من هذه الكلمات المتقطعة المتبادلة حتى تعلم كل ما طرأ على حياة شهريار الذي كنت تعرفه، من تغير بعيد الأثر، وما يحيط به اليوم من ملابسات وظروف، وحتى تتسلم بين أصابعك أطراف خيوط القصة جميعها، وتتابع في لذة مشوقة حركات نسجها سداة ولحمة.

وترى كيف يعارض حائك القصة بين شهرزاد وقلب الوزير المتأجج في منظر، وبينها وبين عقل الملك السابح في زرقة أحلامه الصافية في منظر، ثم بينها وبين العبد الأسود في منظر. وهو في خلال هذه المناظر وما بينها يداول الخيوط المختلفة الأصباغ فيخرج لنا منها نسيجا خسرواني الوشى، ساحر الألوان كقوس الغمام. حتى إذا أزف الختام أبى المؤلف (الحكيم) على العبد قتله استرخاصا له وكرامة للمنية أن تكفر عن خسته، بل ادخر

<<  <  ج:
ص:  >  >>