كالملائكة لا يتكلمون إلا في العلم أو في الدين أو في الأدب. وهو في مزارعه بين أجرائه، كالأب الشفيق بين أبنائه: لا يجهد الضعيف ولا يرهق الفقير ولا ينهك المدين. أقام لهم المساجد واستقدم إليها الوعاظ والحفاظ وأهل العلم؛ وأنشأ المدارس واستخدم فيها أولى الكفاية في التعليم والتربية؛ وأسس المستشفيات ودعا إليها الأطباء المختلفين بالتناوب، وصرف فيها الأدوية بالمجان؛ وهيأ لفلاحيه ومستأجريه وسائل الصحة والراحة، وقطع من بينهم أسباب الحقد والخصومة، حتى أغناهم عن الحكومة فلم يتقدموا إليها في دفع مظلمة أو أداء معونة.
وهو في البرلمان يمثل الدفاع عن الحق الكامل والرأي الثابت، لا يبتغي من ورائه الوصول إلى الحكم لأنه لا يوصِّل إليه، ولا الحصولَ على الجاه لأنه من قبل ذلك حاصل عليه.
وهو في كل مكان يبذل من يده ومن قلبه ما يكفكف الدمع ويخفف المصاب ويساعد على حدثان الدهر؛ فأخلصت النفوس في خدمته وأجمعت القلوب على حبه.
ذلك يا أخي الفقير مثل الغني الصالح الذي استطاع أن ينشئ عالماً مستقلاً يسود فيه السلام والحب، ويرضى عنه الله والوطن. فلو أن جميع الأغنياء اتبعوا سبيله لمنحتَهم حبك وإكبارك، وشاركت في الدفاع عنهم صديقنا الدكتور مبارك.