يجب عليها أن تذكر دينها، وتلتفت إلى حملة ذلك الدين فتصلح شأنهم، وترقي تعليمهم، وتضعهم في المكانة اللائقة بالمرشدين، والتي يجب أن يكون عليها حملة الدين. أما إهمال هذه الناحية والسعي إلى ترقية النواحي الأخرى من حياة الأمة، فلا أرى أنه يوصل إلى الغرض المنشود، فالخلق هو العمود الفقري للأمم لا يمكنها أن تنهض بغيره، وأسهل طريق لتكوينه هو طريق الدين إذا أصلح تعليمه وهذب دعاته.
وقد كان الأزهر مصدر أشعة نور العلوم الدينية والعربية وغيرها إلى البلاد الإسلامية. وقد أصابه ما أصاب غيره في الشرق من خمول وضعة. فيجب على الأمة المصرية وهي تحمل راية الأمم الإسلامية أن تنقي هذا المصباح (الأزهر) من الأكدار، وأن توجد له جهازاً قوياً يستمد نوره منه على طريقة تتناسب مع ما جد في العالم من أطوار في العلم وفي التفكير وفي الحوار والتخاطب وفي طرق الاستدلال والبحث. والدولة تنفق على الأزهر قدراً عظيماً من المال لا تستطيع أن تمنعه عنه، ولا تستطيع أيضاً أن تلغي الأزهر وما يتبعه من معاهد لتوجد بدلها معاهد أخرى؛ فالحاجة إلى إصلاح الأزهر واضحة لا تحتمل نزاعاً ولا جدالاً.
وإني أقرر مع الأسف أن كل الجهود التي بذلت لإصلاح المعاهد منذ عشرين سنة لم تعد بفائدة تذكر في إصلاح التعليم؛ وأقرر أن نتائج الأزهر والمعاهد تؤلم كل غيور على أمته وعلى دينه. وقد صار من الحتم لحماية الدين لا لحماية الأزهر، أن يغير التعليم في المعاهد، وأن تكون الخطوة إلى هذا جريئة يقصد بها وجه الله تعالى، فلا يبالي بما تحدثه من ضجة وصراخ فقد قرنت كل الإصلاحات العظيمة في العالم بمثل هذه الضجة.
يجب أن يدرس القرآن دراسة جيدة، وأن تدرس السنة دراسة جيدة، وأن يفهما على وفق ما تتطلبه اللغة العربية فقهها وآدابها من المعاني، وعلى وفق قواعد العلم الصحيحة؛ وأن يبتعد في تفسيرها عن كل ما أظهر العلم بطلانه وعن كل ما لا يتفق وقواعد اللغة العربية.
يجب أن تهذب العقائد والعبادات وتنقى مما جد فيها وابتدع، وتهذب العادات الإسلامية بحيث تتفق والعقل وقواعد الإسلام الصحيحة.
يجب أن يدرس الفقه الإسلامي دراسة حرة خالية من التعصب لمذهب، وأن تدرس قواعده مرتبطة بأصولها من الأدلة. وأن تكون الغاية من هذه الدراسة عدم المساس بالأحكام