وقد عرض الدين الإسلامي لغيره من الأديان، وعرض لعقائد لم تكن لأهل الأديان، وأشار إلى بعض الأمور الكونية في النظام الشمسي والمواليد الثلاثة من: جماد ونبات وحيوان.
وقد هوجم الإسلام أكثر من غيره من الديانات السابقة: هوجم من أتباع الأديان السابقة، وهوجم من ناحية العلم، وهوجم من أهل القانون.
لهذا كانت مهمة العلماء شاقة جداً تتطلب معلومات كثيرة: تتطلب معرفة المذاهب قديمها وحديثها، ومعرفة ما في الأديان السابقة، ومعرفة ما يجد في الحياة من معارف وآراء، ومعرفة طرق البحث النظري وطرق الاقناع، وتتطلب فهم الإسلام نفسه من ينابيعه الأولى فهماً صحيحاً، وتتطلب معرفة اللغة وفقهها وآدابها، وتتطلب معرفة التاريخ العام، وتاريخ الأديان والمذاهب، وتاريخ التشريع وأطواره، وتتطلب العلم بقواعد الاجتماع.
والأمة المصرية أمة دينها الإسلام، فيجب عليها وهي تجاهر بذلك أن ترقى تعليمه، ليرقى حملته ويكونوا حفاظاً ومرشدين يدعون الناس إليه.
ولا يوجد دواء أنجع من الدين لإصلاح أخلاق الجماهير، فإن العامة تتلقى أحكام الدين والأخلاق الدينية بسهولة لا تحتاج إلى أكثر من واعظ هاد حسن الأسلوب جذاب إلى الفضيلة بعمله وبحسن بصره في تصريف القول في مواضعه، ولذلك كان الدعاة إلى الفضيلة قديماً وحديثاً يلجئون إلى الأديان يتخذونها وسائل للإصلاح؛ بل إن كل دعاة المذاهب السياسية وحملة السيوف لم يجدوا بداً من الرجوع إلى الأديان وصبغ دعواتهم بها، كل ذلك لأن حياة المجتمعات لا تدين لنوع من أنواع الإصلاح إلا إذا صبغ بصبغة دينية يكون قوامها الإيمان.
والأمة المصرية، بل والأمم الشرقية جمعاء، تدهورت أخلاقها فضعفت لديها ملكات الصدق والوفاء بالوعد والشجاعة والصبر والإقدام والحزم وضبط النفس عن الشهوات، وضعفت الروابط بين الجماعات، فلم يعد الفرد يشعر بآلام الآخرين ومصائبهم، وقد أثرت الحياة الفردية في حياة الجماعة أثرها الضار فانحطت منزلة الأمم ورضيت من المكانة بأصغر المنازل.
وقد أرى أن الأمة المصرية وهي تريد النهوض والمجد وتتطلع إلى حياة سياسية راقية؛