أسئ استخدام هذا العنصر في الحياة الاجتماعية فقد تكون النتائج قتالة فتاكة. وهذا الاعتبار يجب أن يراعى حين يصدر الإنسان حكمه على فائدة الاختلاط أو ضرره فإن ذلك يلقي على المسألة ضوءاً جديداً ويكشف عن معانيها إلى حد كبير، والسبب في خطورة المرأة هو تكوينها الطبيعي خلقاً وخلقاً. فهي بما فيها من جمال وفتنة وإغراء وبما لروحها من دلال ورقة وعذوبة تؤثر في قلوب الرجال تأثيراً شديداً كثيراً ما يحول دفة حياتهم خاصة كانت أو عامة. وقد عرف الفرنسيون أثر المرأة فكلما صادفتهم مشكلة غامضة قالوا قبل كل شيء (فتش عن المرأة) ولما كان عمل الرجل في الحياة بحسب تقاليدنا المصرية أبعد أثراً وأعظم شأناً. فعمله دائماً يتصل بالمجتمع كله؛ بينما المرأة وفاق هذه التقاليد اتصالها بفرد واحد أو أفراد قليلين. على أن ترك هذه التقاليد وتوسيع الاختلاط للمرأة بعامة الرجال لابد أن يحدث أثره في المجتمع لأنه لم يعد لهذا الاختلاط وفقاً لماضينا المعروف.
يظن بعض الناس أن الاختلاط مظهر من مظاهر المدنية والتقدم الإنساني في الوقت الحاضر، وأنه يعود على المرأة وعلى الرجل أيضاً بفوائد لا يستطيعان أن يجنيانها إذا كان كل منهما بمعزل عن الآخر. فهم يتوهمون أن هذا الاختلاط يسير بهما في طريق التقدم من حيث الثقافة ومن حيث الإحساس ومن حيث أشياء أخرى يزعمون أنهم يفهمونها! ثم هم يبنون هذا الزعم على أن الاختلاط حق من حقوق المرأة يجب أن تستعمله وتفيد منه، وأن المرأة باشتراكها مع الرجل في حياته العامة إنما هو تنفيذ لحق الحرية الذي أوجدته النظم الاجتماعية الحديثة، ولكنهم أسرفوا في استغلال هذا الحق واستعمال هذه الحرية. فانقلبت الآية وأصبح تقدمهم تأخراً ومدنيتهم همجية.
بدأت المرأة بفكرة السفور ونزع الحجاب. وكأنها كانت في معقل وانطلقت بعد أن كانت لا تحلم بالخروج؛ فأسرفت في نزع الحجاب إسرافاً شديداً إذ أصبحت سافرة الوجه أولاً، ثم سافرة الوجه والرأس، وأضافت بعد ذلك قليلاً قليلاً سفور الذراعين والساقين والصدر؛ ثم تلفتت مع ذلك إلى تغيير الزي وتكييفه بما يتناسب مع ما تريد أن تبرزه من محاسن جسمها. ثم أتقنت ألوان التزين والتجمل واندفعت في كل هذا اندفاعاً كبيراً، ودفعت في سبيل ذلك كل ما تملك من مال وذكاء؛ واحتملت مشقة وعذاباً؛ ثم شاءت أن تعرض جمالها وتجملها فخرجت إلى الأماكن العامة من شوارع ومقاه وأندية. وراحت تتسابق مع مثيلاتها