المولودين في البلدان الأجنبية لكي يحافظوا على جرمانيتهم. وفي سنة ١٩٢١ استعانت الحكومة الألمانية بهذه المؤسسة لكي تجدد عزيمة رعاياها، وقد وهنت بعد نكبة ألمانيا في الحرب الماضية، وتثير في الأحياء منهم خارج وطنهم العصبية الجرمانية، وتحول دون إدغامهم في البيئات الأجنبية. ولما قبض النازيون على زمام الحكم في ألمانيا وجدوا في سجل هذه المؤسسة أن , ٨٠٣ , ٠٠٠ ألماني يعيشون خارج الحدود الألمانية، منهم ٧٥ في المائة تربطهم العاطفة العصبية ارتباطاً متيناً بأمهم ألمانيا، والفضل في ذلك عائد إلى مساعي المؤسسة المذكورة التي تعرف اليوم باسم الطابور الخامس الألماني.
وينتخب أعضاء الطابور الخامس من رجال ونساء ذوي جدارة وثقافة ودهاء وحيلة، وكثيرون منهم يحسنون كتابة وتكلماً عدة لغات أجنبية، ومنهم سياسيون ومهندسون وكيميائيون وعسكريون واختصاصيون بفروع العلم. وتختلف مهامهم وطرق أعمالهم باختلاف البلدان التي يوفدون إليها. أما الهدف فواحد، وهو خدمة المصلحة الألمانية بأي الوسائل، لأن الغاية في شريعتهم تبرر الواسطة. وكانت دعايتهم في البلدان الأجنبية قبل الحرب تضرب خاصة على وترين: خطر الشيوعية ومكافحتها، ومصادرة اليهود المرابين الدساسين؛ فاستهووا بالدعاية الأولى كل خصوم الشيوعية ومقبحي مبادئها، واستمالوا بالثانية كل العمال الذين يرون في اليهود صورة الرأسمالية عدوتهم الكبرى.
ونشط في هذه الحرب رجال الطابور الخامس المنبثون في كل العالم، وعلى الأخص في البلدان الديمقراطية، فقاموا بمهامهم الشاقة، غير عابئين بالأخطار التي تهددهم في كل لحظة، فكانوا من العوامل الأولية التي مكنت الألمان من اكتساح عدة بلدان بتلك السهول الغريبة؛ وقد تحقق العالم اليوم أن أولئك الألمان الذين (نفتهم) الحكومة النازية لنقمتهم على الوضع النازي، أو لكونهم يهوداً، أو لتزوجهم يهوديات، ما كانوا في الحقيقة إلا من أعضاء الطابور الخامس، وقد خرجوا من ألمانيا بجوازات مزورة مصنوعة في دائرة التزوير بالجستابو. وقد حصنتهم الدول الديمقراطية وعطفت عليهم حتى كشف لها الواقع أنها ما حصنت إلا ثعابين قتالة كانت تنفث السم في جسمها وهي غافلة عنها بعامل الشفقة والإحسان.
وكان أولئك (المضطهدون) يتسربون في كل مكان ومجتمع ويخالطون الجماعات الناقمة